السؤال
أنا منتج ومؤلف مسلسلات، وأنا الآن أجهز مسلسلا يسيء إلى بعض أهل البدع، فهل يجوز لي أن أعمل هذا المسلسل؟ وللعلم فإنني في سنة 2009 عملت في مسلسل يسيء لأهل البدع، واسمه: "للخطايا ثمن" ومنع من العرض فهل يجوز أن أسيء إليهم؟
أنا منتج ومؤلف مسلسلات، وأنا الآن أجهز مسلسلا يسيء إلى بعض أهل البدع، فهل يجوز لي أن أعمل هذا المسلسل؟ وللعلم فإنني في سنة 2009 عملت في مسلسل يسيء لأهل البدع، واسمه: "للخطايا ثمن" ومنع من العرض فهل يجوز أن أسيء إليهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز الإساءة إلى الناس ابتداء بغير حق شرعي، ومما تجوز فيه الإساءة رد الإساءة لمن أساء، كما قال الله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40}.
وكذا إذا كان الإنسان صاحب سلطة يريد ردع الظالم عن الظلم من باب: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله, أنصره إذا كان مظلوما، أريت إن كان ظالما كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فذلك نصره. رواه البخاري.
واعلم أن المبتدعة يجب بيان الحق لهم, وبذل النصح لهم, ومحاولة إقناعهم، والتواصي معهم بالحق والصبر، عملا بقول الله تعالى: والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر {العصر:1ـ3}.
وعلى الداعية أن يتوخى في ذلك الحكمة والرفق واللين والجدل بالحسنى عند الحاجة، عملا بقوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن {النحل:125}.
وعملا بقوله تعالى لموسى لما أرسله لفرعون: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى {طه:44}.
وبقوله له: اذهب إلى فرعون إنه طغى * فقل هل لك إلى أن تزكى {النازعات:17-18}.
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة - رضي الله عنها -: عليك بالرفق. رواه البخاري ومسلم.
وبقوله لها: يا عائشة, إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. رواه مسلم.
ويشرع الرد على المتعصبين للباطل بما يمكن من الوسائل الإعلامية, وإغلاظ القول عليهم وإفحامهم إن كنت تستطيع ذلك, وتأمن من حصول مفسدة أعظم، عملا بقول الله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم {التحريم:9}.
وإذا كان المبتدعة ممن يسبون الصحابة فيجوز الرد عليهم بتجريحهم؛ لقوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما {النساء:148}.
وفي تفسير ابن أبي حاتم: سألت عبد الكريم عن قول الله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ـ قال: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه، مثل قوله: ولمن انتصر بعد ظلمه. انتهى.
ويشترط ألا يخشى أن يجر ما تعمله إلى إثارة فتنة أكبر، وأن لا يكون في المسلسل شيء محرم من الموسيقى, وظهور النساء العاريات، وأما إن كان يخشى حصول مفسدة وشر أعظم من النفع المتوقع فيمنع ذلك سدا للذريعة، فقد قال الله عز وجل: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم { الأنعام:108}.
قال القرطبي - رحمه الله -: قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام, أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم, ولا دينهم وكنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك. اهـ.
وراجع في بيان فضل الصحابة وشناعة جرم من يتنقصهم الفتويين رقم: 120881، ورقم: 56684.
والله أعلم.