السؤال
سرقت مرة من محل يبيع إكسسوارات للجوال, وعندما تبت وذهبت لكي أرد ما سرقته، رأيت المحل الذي كان في ما مضى كبيرا قد قسم إلى عدة محلات, فلمن أعطي المال؟ فأنا لا أدري هل صاحب المحل هو نفس الشخص الذي كان سابقا أم جاء تاجر جديد أم أن التاجر موجود ولكن صغر محله وإذا كان محله قد صغر فأين محله؟ كل هذه الأسئلة لا أعرف جوابها, فلمن أعطي المال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لصحة التوبة من حقوق الناس ردها، أو التحلل منهم؛ لما في الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح. ولما في الحديث: من كانت له مظلمة لأحد من عرض، أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وما ذكرته من التساؤلات يمكنك معرفة جوابه من خلال أصحاب المحلات، وجيرانه حتى تجد صاحب الحق وتدفعه إليه. وإذا لم تجده، وأيست من الوصول إليه، فإنك تتصدق به عنه عملا بالمستطاع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
قال صاحب الزاد: وإن جهل ربه تصدق به عنه مضمونا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية, ومن الفقهاء من يقول: توقف أبدا حتى يتبين أصحابها, والصواب الأول, فإن حبس المال دائما لمن لا يرجى لا فائدة فيه؛ بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه, وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن, ويقول: اللهم عن رب الجارية، فإن قبل فذاك، وإن لم يقبل فهو لي وعلي له مثله يوم القيامة, وكذلك أفتى بعض التابعين من غل من الغنيمة وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام. انتهى.
والله أعلم.