السؤال
هل الأب إذا فرط تفريطا في تربية أولاده الصغار أو الكبار حتى يعتقد بعضهم اعتقادا باطلا كفريا، أوفعلوا فعلا كفريا، ثم أراد هذا الأب أن يتوب إلى الله لا بد أن ينطق بالشهادتين ويسلم من جديد؟ هل هو مرتد بتفريطه في التربية؟ هل تفريطه في التربية يعتبر رضى بالكفر والراضي كالفاعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن التفريط في الأولاد وعدم رعايتهم، وتربيتهم على الاستقامة وطريق الحق، من أعظم التضييع للأمانة، وللوصية التي أوصى الله تعالى بها عباده حيث قال: يوصيكم الله في أولادكم {النساء:11}.
قال السعدي في تيسير الكريم: "أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة}. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم عليهم.
وهؤلاء الأولاد من رعيته التي استرعاه الله عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.
ومع ذلك فالذي يفرط في تربية أولاده حتى ينحرفوا إلى الكفر لا يعتبر فعله ذلك من باب الرضى بالكفر، وإنما هو من باب الإهمال والتفريط، وتضييع الأمانة؛ فهو وإن كان آثما -كما ذكرنا- فإنه لا يعتبر كافرا أو مرتدا، وبالتالي فإذا أراد أن يتوب إلى الله تعالى فليس عليه إلا أن يستغفر الله تعالى، ويندم على تفريطه، ويتدارك ما يمكن تداركه مما فرط فيه.
والله أعلم.