السؤال
أود أن أشكر كافة القائمين والمشرفين على موقع إسلام ويب, واليوم جئتكم باستفسار طالما حيرني, ففي حياتي اليومية تواجهني بعض المسائل حول فكرة الشرك الأصغر سأحاول توضيحها بأمثلة:
1ـ إذا أراد شخص بعمل من أعمال الدنيا وجه الله، مثلا: أستاذ فيزياء أراد بعمله وجه الله ويرافقه نوع من حب كسب السمعة والشهرة على أنه أستاذ جيد وممتاز, فهل بهذا يكون قد وقع في الرياء؟.
2ـ إذا تصدق شخص على محتاج لوجه الله, وأراد مع ذلك كسب محبته, فهل بهذا يكون قد وقع في الشرك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرياء المذموم إنما يدخل في العبادات المحضة كالصلاة، وأما الأمور المباحة التي تكون عبادات بالنية ـ كطلب الرزق والعلوم الدنيوية كالفيزياء ـ فلا يدخل فيها الرياء، قال ابن عثيمين: العلوم تنقسم إلى قسمين: قسم يراد به وجه الله، وهو العلوم الشرعية وما يساندها من علوم عربية، وقسم آخر: علم الدنيا كعلم الهندسة والبناء والميكانيكا وما أشبه ذلك، فأما الثاني ـ علم الدنيا: فلا بأس أن يطلب الإنسان به عرض الدنيا، يتعلم الهندسة ليكون مهندسا يأخذ راتبا وأجرة يتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكيا يعمل ويكدح وينوي الدنيا، هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلم لكان ذلك خيرا له وينال بذلك الدين والدنيا. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 174409، 125089، 196037.
وأما مساعدة المحتاج ابتغاء وجه الله مع قصد كسب محبته: فذلك ليس محرما، وليس شركا، وهو في حقيقته هدية، لا صدقة، لأن الصدقة هي ما تمحضت فيها إرادة الآخرة، جاء في الإقناع وشرحه: وأنواع الهبة صدقة، وهدية، ونحلة، وهي العطية، ومعانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بلا عوض، قاله في المغني، تجري فيها أحكامها أي: أحكام كل واحدة من هذه المذكورات تجري في البقية، فإن قصد بإعطائه ثواب الآخرة فقط فصدقة، وإن قصد بإعطائه إكراما، وتوددا، ومكافأة والواو بمعنى أو كما في المنتهى فهدية، وإلا بأن لم يقصد بإعطائه شيئا مما ذكر فهبة، وعطية، ونحلة، وهي أي: المذكورات من صدقة وهدية وعطية مستحبة إذا قصد بها وجه الله تعالى، كالهبة للعلماء والفقراء والصالحين، وما قصد به صلة الرحم، قال الحارثي: وجنس الهبة مندوب إليه، لشموله معنى التوسعة على الغير، ونفي الشح، قال: والفضل فيها يثبت بإزاء ما قصد به وجه الله تعالى، كالهبة للصلحاء والعلماء، ونحو ذلك، ولا خير فيما قصد به رياء أو سمعة، ولا تستحب إن قصد بها مباهاة ورياء، وسمعة، الواو بمعنى أو فتكره، لقوله صلى الله عليه وسلم: من يسمع يسمع الله به، ومن يراء يراء الله به ـ متفق عليه. اهـ.
فلا حرج على الشخص في مساعدة المحتاج ابتغاء وجه الله مع التماس محبته والتودد إليه.
والله أعلم.