السؤال
ذكرتم في فتوى رقم 46544 ما نصه: وبخصوص المخلوقات الأخرى غير الإنسان، فإن الملائكة والجن لهم أرواح لكنها مختلفة. فالملائكة خلقوا من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم مظهر من مظاهر الرحمة، وبالعكس من ذلك الجن فإنهم خلقوا من نار، فمنهم المسلمون والكافرون، ومنهم الصالحون والفاسقون، وإذا كان القصد بالروح: القوة المحركة للجسم، فإن الحيوانات والطيور لها أرواح إذا فارقتها بالموت أصبحت جثثا هامدة، والنبات والأشجار لها نوع من الحياة لا يسمى روحا وإنما يسمى حياة. انتهى.
فهل هناك دليل على أن للجن والملائكة روحا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الجن يموتون كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون. متفق عليه.
وكذا الملائكة سيموتون ويبقى الله الواحد القهار. وقد أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وصححه الحاكم من حديث لقيط ابن عامر مطولا وفيه: تلبثون ما لبثهم، ثم تبعث الصائحة، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من أحد إلا مات حتى الملائكة الذين مع ربك. قاله الحافظ في الفتح.
وإذا كانوا يموتون فإنهم داخلون في الأنفس التي قال الله فيها: { كل نفس ذائقة الموت }.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، وينفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخرا كما كان أولا ... اهــ.
والمراد بالنفس الروح, وفي الحديث: يقول ملك الموت مخاطبا الروح: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان.
قال القرطبي: والنفس: الروح؛ يقال : خرجت نفسه، قال أبو خراش:
نجا سالم والنفس منه بشدقه ... ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا
أي بجفن سيف ومئزر . ومن الدليل على أن النفس الروح قوله تعالى: { الله يتوفى الأنفس حين موتها } [ الزمر : 42 ] يريد الأرواح ... اهــ.
والشاهد أن الجن والملائكة يموتون، وما داموا كذلك فإن لهم أرواحا.
والله تعالى أعلم.