السؤال
سمعت أن فتنة المسيح الدجال عظيمة، وهي أكبر فتنة.
ولكن سمعت أن الذي لا يصدق، أو لا يطيع المسيح سوف يعيش في فقر.
هل هذا صحيح أم لا وما الأعمال التي تقي فتنته؟
جزيتم خيرا.
سمعت أن فتنة المسيح الدجال عظيمة، وهي أكبر فتنة.
ولكن سمعت أن الذي لا يصدق، أو لا يطيع المسيح سوف يعيش في فقر.
هل هذا صحيح أم لا وما الأعمال التي تقي فتنته؟
جزيتم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما ذكرته أيتها السائلة عن المسيح الدجال، وردت به أحاديث صحيحة, ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث هشام بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال. اهــ. ورواه أحمد بلفظ: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال.
وفي مسند أحمد أيضا من حديث جابر مرفوعا: ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا وقد حذر أمته، ولأخبرنكم بشيء ما أخبره نبي أمته قبلي، ثم وضع يده على عينه ثم قال: أشهد أن الله عز وجل ليس بأعور.
ودلت السنة أيضا أن المؤمنين الذين يكذبونه، ويعلمون أنه الدجال فلا يطيعونه، أنهم يفقدون أموالهم، ففي صحيح مسلم في حديث طويل عن الدجال: ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم .... اهــ. و قوله: ممحلين أي أصابهم المحل، وهو القحط والشدة، وهذا اختبار من الله تعالى وامتحان.
ومع هذا فقد ورد في صحيح السنة تضعيف شأنه، وأن ما يظهر عنده من الأمور ليس حقيقيا. فعن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته وإنه قال لي : " ما يضرك ؟ " قلت : إنهم يقولون : إن معه جبل خبز، ونهر ماء . قال: هو أهون على الله من ذلك. متفق عليه.
وجاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: يريد -والله أعلم- هو أهون من أن يفتن الناس به، فيملكه معايش أرزاقهم، وحياة أرماقهم، فتعظم بذلك فتنتهم... إلى أن قال: ولولا انتقاله من بلد إلى بلد لأمنت تلك الفتنة إلا على الأول، لكنه يرد كل يوم بلدة لا يعرف أهلها ما افتضح من أمره في غيرها فيظل يفتن، ويعصم الله العلماء منه، ومن علم علامة الرسول وثبته الله، واستدل بأن من كان ذا عاهة لا يكون إلها، فقد بان أنه أهون على الله من أن يمكنه من المعجزات تمكينا صحيحا. اهـ.
وأما ما العمل الذي يقي فتنته، فقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على أمور فيها العصمة منه إن شاء الله وهي كما يلي:
أولا: الاستعاذة بالله منه في آخر الصلاة قبل السلام، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال. اهــ. وعندهما من حديث عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال.
ثانيا: أن من عاصره لا يأتي إليه، بل إذا سمع به في أرض فإنه يبتعد عنها, ففي سنن أبي داود عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات. اهــ.
ثالثا: حفظ العشر الآيات الأول من سورة الكهف، ومن ابتلي بلقائه فليقرأها عليه، ففي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان مرفوعا: فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف. وفيه من حديث أبي ذر مرفوعا: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال.
رابعا: معرفة العلامات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عنه حتى إذا لقيه المؤمن ورأى فيه تلك العلامات، علم أنه المسيح الدجال، وكان هذا أدعى لثبات إيمانه؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية. متفق عليه.
والله تعالى أعلم