السؤال
أشكركم على هذا الموقع الرائع, وأسأل الله أن يكون في ميزان حسناتكم. أنا طالبة جامعية من عائلة محافظة, ومتفوقة جدا في دراستي - والحمد لله - وقد قعت في الذنوب, وكلما خلوت مع الله انتهكت محارمه, فأتوب وأعود للذنب كأني لم أتب بالأمس, ضاق بي صدري, وأصبحت أكره نفسي, خصوصا أني في نظر زميلاتي القدوة, وأبي يحسن الظن بي, بل حريص على تحقيق كل أحلامي, وللتخلص من نار الذنوب عاهدت الله وأقسمت بالله أن أصوم أسبوعا كلما أذنبت ذنبا؛ حتى تراكمت علي أيام الصيام لأكثر من سنتين, فأرجو منكم أن تجيبوني, ما الحل؟ كيف أعود إلى رحاب الله مرة أخرى؟ وكيف أتخلص من الذنوب؟ والله إني أستحيي أن أرفع يدي بالدعاء, ماذا أفعل بعد أن تراكمت علي أيام الصيام لأكثر من سنتين؟ جزاكم الله عني كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على تقديرك للموقع، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويثبتك على طاعته.
ولتعلمي أن الإقلاع عن الذنب واجب بأصل الشرع, ولا يحتاج إلى عهد الله أو القسم به، ولكن العهد والقسم يؤكدان الترك؛ فعلى المسلم أن يحرص على الوفاء بعهده, والبر بيمينه على العموم، وأهمها وأعظمها ما عاهد عليه الله، خاصة إذا كان على ترك معصية، وانظري الفتوى رقم: 68610 .
ولتعلمي أن التوبة تمحى بها الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له, قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى [طـه:82] وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم [الزمر:53].
فعليك أن تقلعي عن الذنب, وتتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحا، وتعقدي العزم الجازم على عدم العودة إليه فيما بقي من عمرك، وبذلك يحبك الله تعالى, ويبدل سيئاتك حسنات, كما قال تعالى: إن الله يحب التوابين {البقرة:222}، وقال تعالى عن التائبين: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما {الفرقان:70}.
وبخصوص ما صدر منك من العهد والقسم: فإنه يعتبر يمين لجاج, وهي التي يقصد بها الحالف منع نفسه من شيء, أو حثها على فعله، وصاحبه مخير بين الوفاء بما حلف عليه, وبين أن يكفر كفارة يمين، كما سبق بيانه في الفتوى: 30392.
ولذلك فإن فعلت ما حلفت عنه وجب عليك أن تصومي أسبوعا, أو تكفري كفارة يمين، بعدد تكرر الفعل منك؛ كما هو مقتضى قولك: " كلما أذنبت ذنبا أن أصوم أسبوعا " وانظري الفتوى: 78842.
والله أعلم.