السؤال
كنت ميسور الحال جدا ـ والحمد لله ـ وأراد أخي أن يتزوج وكان فقيرا، فأعطيته مبلغا كبيرا لمساعدته، وكانت نيتي ابتغاء رضوان الله، ثم دار الزمن وأصبت بمرض على إثره بعت كل شيء أملكه ولم أعد أعمل، مع العلم أنني متزوج وأعول .. وسبحان الله تيسر الحال مع أخي وأصبح صاحب مال، ولكنه تخلى عني وأنكر الجميل وتركني في شدتي.. وأنا الآن أحتاج مالا من أجل نفقات الحياة، فهل تجوز لي المطالبة بالمال الذي أعطيته لأخي؟ أم ليس لي الحق في ذلك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في مساعدتك لأخيك ووقوفك معه، وينبغي لأخيك أن يحسن إليك كما أحسنت إليه: لقوله تعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان {الرحمن:60}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا فكافئوه.... رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.
ولو كنت أعطيته المبلغ على سبيل القرض ولم تسقطه عنه فلك مطالبته به وعليه أن يؤديه إليك، لكن الظاهر أنك إنما أعطيته المبلغ صدقة ومساعدة له في زواجه، لا على سبيل القرض، ولذلك لم يرده إليك ولم تطلبه منه فيما مضى، وإذا كان كذلك فليس لك مطالبته به ولا الرجوع به عليه، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته في قولهم جميعا.
وكذلك نقل الحافظ ابن حجر الاتفاق على عدم جواز الرجوع في الصدقة بعد القبض، وقد عقد البخاري باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، وأورد تحته حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته، كالعائد في قيئه.
ورواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فإن العائد في صدقته، كالكلب يعود في قيئه.
وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها.
وهذا هو المتبادر من خلال ما فهمناه من سؤالك، لكن ينبغي لأخيك أن يساعدك ويعينك ردا للجميل وصلة للرحم ووفاء لحق الأخوة.
والله أعلم.