محل جواز تقديم فتوى جهة على أخرى من جهات الإفتاء

0 223

السؤال

أريد الاستفسار عن بعض الأشياء، واعذروني ‏على إطالتي. ‏
أولا: هناك ثلاثة مواقع أثق فيها وآخذ منها الفتوى، ‏ولكنها تصنف لدي إلى موقع ميسر جدا في بعض ‏الأمور، وموقع آخر ميسر، وآخر فتواه صعبة. وهذ ‏المواقع هي: موقع الشيخ سليمان الماجد، وموقعكم، ‏ودار الإفتاء المصرية.
فإذا أردت معرفة شيء ‏أبحث أولا في موقع سليمان الماجد؛ لأني أعتبره ‏يتناول الأمور بالتيسير. فإذا وجدت ضالتي كان بها، ‏وإذا لم أجدها، أو لم تكن مفسرة، ألجأ إلى موقعكم ‏لأتعرف عليها. وإذا لم أعثر على هذا في موقعكم، ‏أقوم بسؤال دار الإفتاء عن حالتي. أما إذا وجدت ‏الأمر في بعض الأحيان عندكم، وفي موقع سليمان ‏الماجد، آخذ بالأخير؛ لأنه الأيسر لي.
فهل هذا يعد ‏من تتبع الرخص؟
أرجوكم أفتوني في هذا لأن ‏الموضوع أتعب نفسيتي جدا، خصوصا أن ‏الفتاوى الميسرة سهلت علي الكثير من الأمور. ‏
ثانيا: أنتم وموقع الشيخ تفتون بعدم جواز نمص ‏الحواجب بأمر الزوج، ولكني عندما سألت دار ‏الإفتاء وجدتها تبيح ذلك، وقالت أدلتها ولا أخفيكم ‏سرا أن الفتوى وافقت هوى نفسي.
فهل لو اتبعتها ‏يصبح علي إثم أو شيء؟ وهل إذا قالت الدار مثلا ‏إن نمص الحواجب للزوج حلال، وفي نفس الفتوى ‏ذكرت أن نتف أطراف الوجه لغير المتزوجة غير ‏جائز. فهل من الممكن أن آخذ بالفتوى الخاصة ‏بالحواجب، وأعتمد عليكم في فتوى نتف الوجه أم ‏هذا يعد من الحيل من ناحيتي وقس على ذلك في ‏بعض أمور الحياة آخذ فتوى منهم، وأخرى منكم أو ‏من موقع آخر، ولكنها ليست بالضرورة أن تكون كما ‏سألت عن أجزاء في الفتوى يمكن أن تكون فتوى ‏مستقلة بذاتها. ‏
ثالثا وهو الأخير: هل إذا اعتمدت على موقعكم في ‏معرفة شيء ما، أو الحصول على فتوى منكم هل ‏لا بد أن أعتمد عليه في كل الفتاوى التي أريد ‏معرفتها أم لا حرج علي في استخدام المواقع ‏الثلاثة التي ذكرتها؟ ‏
وشكرا لكم جدا على الاهتمام بسؤالي والإجابة ‏عليه. وآسفة مرة أخرى على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجماع ما تعرف به السائلة جواب سؤالها، أن يعلم أن المسلم يجب عليه طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، واتباع الشريعة التي تحكم في كل مسألة بعينها بحكم واحد، وإنما يتبع العلماء ومذاهبهم لكونهم يجتهدون في معرفة ذلك، ودلالة الناس عليه! فإذا اختلفوا عرفنا أن بعضهم أصاب وله أجران، وبعضهم أخطأ وله أجر واحد.
فإن كان عند الشخص علم يؤهله لمعرفة الراجح وتمييزه، عمل بذلك، وإلا فإنه يقلد الأوثق في نفسه من المفتين من حيث العلم والأمانة؛ لأن هذا هو الذي يغلب على ظنه أنه مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو العمل بالراجح، لا بالتشهي والهوى، ولا بالتشدد والورع، وراجعي في ذلك الفتويين: 208624، 139079.
وعلى ذلك، فلا يجوز تتبع رخص المذاهب الفقهية بالأخذ بالأيسر منها، تشهيا واتباعا للهوى، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وقد نقل عليه الإجماع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 213079.
وأما من لم يكن ديدنه تتبع الرخص، فلا حرج عليه في أن يأخذ في بعض المسائل بفتوى أحد ثقات أهل العلم لحاجته لذلك، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 134759،170931.

وإذا تقرر هذا .. عرفت السائلة أنه لا يجوز لها أن تقدم فتوى جهة على أخرى من جهات الإفتاء لمجرد موافقة الهوى، وكذلك لا يجوز تتبع رخص العلماء أخذا بالأيسر دائما، وإنما عليها عند اختلاف المفتين أن تقدم قول من تظنه أقرب لإصابة حكم الشرع من حيث علمه وإمانته، سواء أكان أشد أو أيسر ! وهو ما لم تطبقه السائلة في المثال الذي ذكرته بمسألة نمص الحاجب، ونتف شعر الوجه لغير المتزوجة، تلفيقا بين فتاوى المفتين. 

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة