السؤال
أنا فتاة أحب الرسم بالقلم الرصاص, وأنا أجيد هذا الفن, فأنا أحيانا أرسم وجوها لأشخاص, وأجعلها تبدو كالحقيقية, وأنا أرسم الوجه وملامحه فقط دون سائر الجسم, فهل هذا محرم؟ وأنا لا أقصد بهذا مضاهاة خلق الله, وإنما لحبي للرسم بالرصاص, وما حكم رسم العين وحدها فقط مثلا؟ وما حكم وضع صور الأنمي أو ما يسمى الصور الكرتونية؟ وما حكم استخدام البرامج المكركة بقصد الاستخدام الشخصي فقط؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس في رسم الصور التي تقتصر على الوجه وحده أو العين وحدها أو الجسم وحده دون رأس، فقد صرح أهل العلم بأن حذف جزء من الصورة - لا تتم الحياة إلا به - يخرجها عن الصورة المنهي عنها, قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: فإن قطع رأس الصورة، ذهبت الكراهة, قال ابن عباس: الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فليس بصورة, وحكي ذلك عن عكرمة, وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: " أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن، ومر بالكلب فليخرج, ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم" وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه، كصدره, أو بطنه، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه، لم يدخل تحت النهي؛ لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابه، فهو كقطع الرأس, وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده، كالعين واليد والرجل، فهو صورة داخلة تحت النهي. انتهى.
وصور الأنمي إن كانت غير كاملة فحكمها كما سبق، وإن كانت كاملة فرسمها وتعليقها على الجدران - مثلا - لا يجوز، ولو كانت الصورة لا مثيل لها في الواقع, قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: ولو صورة لا نظير لها كفرس لها أجنحة. انتهى.
وفي حاشية البجيرمي: قوله: (وصورة حيوان) ولو لما لا نظير له, كبقر له منقار, أو جناح. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 136256، 128134.
وأما استعمال البرامج التي فتحت أو مددت بالكراك أو بأرقام سرية أخرى بغير إذن أصحابها فلا يجوز؛ لأن لأصحابها حقا فيها, ولهم المنع من تمديدها, وقد عنيت الشريعة الإسلامية بالعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه.
وبعدم الجواز أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، حيث قالوا: لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه، وقوله صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى مباح فهو أحق به سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي؛ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم. انتهى.
لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا احتاج المرء إلى نسخها لعدم وجود النسخة الأصلية, أو عجزه عن شرائها جاز له نسخها للنفع الشخصي فقط، بشرط ألا يتخذ ذلك وسيلة للكسب أو التجارة، ولا بد من الاقتصار هنا على قدر الحاجة؛ لأن الزيادة عليها بغي وعدوان، وهو موجب للإثم، وإن كان الأحوط هو ترك استعمالها بالكلية. وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 13170.
والله أعلم.