السؤال
يا شيخ جاءني سؤال من فتاة تريد مني الجواب، وأنا لا أفقه في الدين كثيرا، وأردت مساعدتها في معرفة الجواب، فقررت استشارتكم لعلي أجد جوابا شافيا.
قالت لي الفتاة: لم أكن أصلي، لكن كنت أحب ربي، ومؤمنة به، وخائفة منه كثيرا، وكنت أخاصم نفسي: لماذا لا أصلي، لكن في هذه الأيام أصبحت أفكر حتى في ربي! وأنه بما أن الله قادر على أن يجعلنا نصلي، لماذا لا يجعلنا نصلي؟ بعد ذلك فكرت أنه يمكن لكي يعطينا القرار! طيب لماذا لم يعطنا القرار إذا كنا نريد أن نحيا أصلا أو لا؟ أعرف أنها حكمة لكن إلى الآن لم أقتنع بها.
انتهت!
ماهو جواب حضرتكم عليها؟ وأتمنى التفصيل لها بالرد؛ لأني خائفة عليها من طريق الضلال.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه، وجزيتم خيرا على جهودكم المبذولة، وجعلها الله في ميزان حسناتكم.
أرجو الرد السريع، شكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فادعاء صاحبتك بأنها خائفة من الله كثيرا مع أنها لا تصلي، هي دعوى كاذبة، ولو كانت تخافه كثيرا لأدت ما فرضه عليها.
وأما قولها: { لماذا لا يجعلنا نصلي؟ } إن كانت تعني لماذا لا يمكننا من أداء الصلاة؟ فإن الله تعالى مكننا من أدائها، ولم يحل بيننا وبينها، وكل إنسان يعلم من نفسه القدرة على أداء الصلاة، فهو تعالى لم يجبرنا على تركها, وإن كانت تعني لماذا لم يجبرنا على أداء الصلاة؟ فجوابه أن الله تعالى أراد أن يختبرنا، ولو شاء الله لألهمنا طاعته وذكره، وحال بيننا وبين معصيته كما فعل مع الملائكة الكرام البررة، ولكنه مكننا من فعل الخير والشر اختبارا وامتحانا.
وأما لماذا لم يعطنا الخيار في القدوم إلى هذه الدنيا؟ فجوابه أنه تعالى: فعال لما يريد {البروج:16}. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {الأنبياء:23}. فكما أنه مكننا من طاعته ومعصيته ليختبرنا, ووعدنا الجنة إن أطعناه، وتوعدنا بالنار إن عصيناه, فإنه لم يخيرنا في القدوم لهذه الدنيا، فالملك ملكه، والعبيد عبيده, وما تلك الوساوس التي تطرحها تلك المرأة إلا دليل على فساد قلبها، فانصحيها برفق وحكمة، وذكريها بأنها مأمورة بطاعة الله تعالى، وليست مأمورة بالاعتراض على أفعال الله تعالى, فإن انتصحت فبها ونعمت، وإن لم تتنصح فاتركيها، فإنه لا خير لك في صحبتها. واعلمي أن من أراد الله إضلاله فإنه لن ينفع فيه نصح الناصحين, كما قال تعالى: ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ... {المائدة :41 } والفتنة هنا الإضلال.
والمعنى كما قال الشوكاني في فتح القدير: قوله: ومن يرد الله فتنته أي ضلالته فلن تملك له من الله شيئا، أي فلا تستطيع دفع ذلك عنه، ولا تقدر على نفعه وهدايته. اهــ.
وقال تعالى: ... أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا {النساء : 88 }. وكما قال تعالى عن نوح أنه قال لقومه: ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون {هود : 34 }.
وانظري المزيد في الفتوى رقم: 218479, والفتوى رقم: 202051.
والله تعالى أعلم.