السؤال
هل التفكر في وجود الله وصفاته جائز ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت تعني بالتفكر في وجود الله تعالى، التفكر في كيفية وجوده، وفي ذاته -جل وعلا- فهذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، والتفكر في كيفية وجوده هو من تلبيس إبليس كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك، فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته. اهــ .
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم التفكر في ذات الله تعالى وصفاته وهي برقم: 53031، وأخرى برقم: 39560.
وإن كنت تعني بقولك " التفكر في وجود الله " التفكر في المخلوقات الدالة على وجوده، فهذا مشروع؛ فإن التفكر في مخلوقات الله تعالى تدل العبد على توحيده وأنه ليس كمثله شيء, وقد قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: ويتفكرون في خلق السماوات والأرض {آل عمران:191}.
والمعنى أنهم يتفكرون في بديع صنعهما، وإتقانهما مع عظم أجرامها؛ فإن هذا الفكر إذا كان صادقا، أوصلهم إلى الإيمان بالله سبحانه. قاله الشوكاني في فتح القدير.
وانظر الفتوى رقم: 22279عن شيء من الأدلة المتلوة والمرئية على وجود الله جل جلاله .
وكذا يشرع التفكر في معاني أسماء الله تعالى واستحضارها ليزداد العبد تعظيما لله تعالى وخشية له.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فالإنسان مأمور بالتفكر في الآيات الكونية، والشرعية؛ لأن التفكر يؤدي إلى نتائج طيبة؛ لكن هذا فيما يمكن الوصول إليه بالتفكر فيه؛ أما ما لا يمكن الوصول إليه بالتفكر فيه فإن التفكر فيه ضياع وقت، وربما يوصل إلى محظور، مثل التفكر في كيفية صفات الله عز وجل: هذا لا يجوز؛ لأنك لن تصل إلى نتيجة؛ ولهذا جاء في الأثر: تفكروا في آيات الله ولا تفكروا في ذات الله لأن هذا أمر لا يمكن الوصول إليه؛ وغاية لا تمكن الإحاطة بها، كما قال تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} [الأنعام: 103] ؛ فلا يجوز لأحد أن يتفكر في كيفية استواء الله عز وجل على العرش؛ بل يجب الكف عنه؛ لأنه سيؤدي إلى نتيجة سيئة؛ إما إلى التكييف، أو التمثيل، أو التعطيل - ولا بد؛ وأما التفكر في معاني أسماء الله فمطلوب؛ لأن المعنى كما قال الإمام مالك - رحمه الله - لما سئل: {الرحمن على العرش استوى}: كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. اهــ .
والله تعالى أعلم.