تفسير: وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا.. ومدى تصويرها لواقعنا

0 158

السؤال

أشكركم على هذا الموقع، وكل عام وأنتم بخير، أوقفتني هذه الآية، وأطلب منكم تفسيرها. وهل تنطبق على واقعنا اليوم المأساوي في سورة القصص الآية 57: وقالوا إن نتبع الهدى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن معنى الآية قد بينه الشوكاني بقوله:{ وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا }. أي قال مشركو قريش ومن تابعهم: إن ندخل في دينك يا محمد نختطف من أرضنا: أي يختطفنا العرب من أرضنا: يعنون مكة ولا طاقة لنا بهم. وهذا من جملة أعذارهم الباطلة، وتعللاتهم العاطلة، والتخطف في الأصل هو الانتزاع بسرعة ... ثم رد الله ذلك عليهم ردا مصدرا باستفهام التوبيخ والتقريع فقال: { أولم نمكن لهم حرما آمنا } أي ألم نجعل لهم حرما ذا أمن. قال أبو البقاء: عداه بنفسه؛ لأنه بمعنى جعل كما صرح بذلك في قوله: { أولم يروا أنا جعلنا حرما }. ثم وصف هذا الحرم بقوله : { يجبى إليه ثمرات كل شيء } أي تجمع إليه الثمرات على اختلاف أنواعها من الأراضي المختلفة وتحمل إليه ... { رزقا من لدنا } منتصب على المصدرية؛ لأن معنى يجبى: نرزقهم، ويجوز أن ينتصب على أنه مفعول له لفعل محذوف: أي نسوقه إليهم رزقا من لدنا. ويجوز أن ينتصب على الحال أي رازقين { ولكن أكثرهم لا يعلمون }. لفرط جهلهم، ومزيد غفلتهم، وعدم تفكرهم في أمر معادهم ورشادهم؛ لكونهم ممن طبع الله على قلبه، وجعل على بصره غشاوة.  اهـ.

وأما عن انطباقها، فلا شك أن التمسك بالإيمان هو أعظم أسباب نيل الأمن؛ فقد قال الله تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون {الأنعام:82}. وقال تعالى: فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون {البقرة:38}. وقال: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون {يونس:62}.

فمن تمسك بالهدى في واقعنا المعاصر سيؤمنه الله كما أمن الصحابة لما عملوا بدين الله ونصروه، وجاهدوا في سبيل الله ونشر دينه، والدعوة إليه، وقد ذكرهم الله بهذا في قوله  تعالى: واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون {الأنفال:26}.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات