الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أن ما تذكره من قيام أخيك بتركيب وتصميم صورة الحيوان من الورق, ونحوه, يعتبر من الصورة المجسمة, وهذا الفعل محرم, ويمنع من دخول الملائكة للبيوت.
ويدل لتحريمه ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون.
وما رواه الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها - يعني الروح ـ وليس بنافخ فيها، ومن استمع إلى حديث قوم يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة.
ولا يؤثر على ذلك كون الرجلين غير موجودتين, فالصور التي تباح هي ما كانت ناقصة نقصا لا تصح الحياة معه، كمقطوعة الرأس والرقبة، أو البطن, ونحوه مما لا يمكن وجود الحياة مع فقده, كما جاء في سنن البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا قطع الرأس فلا صورة.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن قطع منه ما لا يبقى الحيوان بعد ذهابه - كصدره, أو بطنه, أو جعل له رأس منفصل عن بدنه - لم يدخل تحت النهي؛ لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابه, فهو كقطع الرأس.
وقال البهوتي ـ رحمه الله ـ في شرح الإقناع: ويحرم تعليق ما فيه صورة حيوان, وستر الجدر به, وتصويره، وتقدم في ستر العورة، فإن قطع إنسان رأس الصورة فلا كراهة، قال ابن عباس: الصورة الرأس, فإذا قطع فليس بصورة. أو قطع منها ـ أي الصورة ـ ما لا تبقى الحياة بعد ذهابه فهو كقطع الرأس, كصدرها, أو بطنها، أو صورها بلا رأس، أو بلا صدر، أو بلا بطن، أو جعل لها رأسا منفصلا عن بدنها، أو صور رأسا بلا بدن فلا كراهة؛ لأن ذلك لم يدخل في النهي، وإن كان الذاهب يبقى الحيوان بعده, كالعين, واليد, والرجل, حرم تعليق ما هي فيه, وستر الجدر به, وتصويره؛ لدخوله تحت النهي. انتهى.
وقال الفقيه ابن حجر في التحفة: وخرج بحيوان: تصوير ما لا رأس له, فيحل خلافا لما شذ به المتولي، وكفقد الرأس فقد ما لا حياة بدونه، نعم, يظهر أنه لا يضر فقد الأعضاء الباطنة, كالكبد, وغيره؛ لأن الملحظ المحاكاة, وهي حاصلة بدون ذلك. انتهى.
والله أعلم.