السؤال
أرجو أن تجيبوني في المسألة الآتية: أعلم أنني إذا كنت ملتحيا، وكان علي خطر شديد إذا لم أحلق لحيتي كالقتل أو التعذيب أو ما إلى ذلك فإنه يجوز لي أن أحلق لحيتي، وأعلم أنه تكون لدي رخصة في حلق لحيتي حينها، وحسب علمي فإن الثبات وعدم حلق اللحية أفضل، فهل هذا صحيح؟ وما هو الحكم لو أردت أن أثبت ولا أحلق لحيتي وكان والداي أمراني بحلقها خوفا علي؟ وهل أثبت ولا أحلقها؟ أم أنفذ أمر والدي؟ وهل علي إثم إذا لم أطع أمرهما في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من جواز حلق اللحية في حال الإكراه المعتبر شرعا كالخوف على النفس ونحوه كلام صحيح، وأما هل الصبر والأخذ بالعزيمة أولى أم الترخص ففي هذا خلاف، ولعل ما ذكرته من كون الصبر والأخذ بالعزيمة أولى هو الراجح، قال القرطبي رحمه الله: واختلفوا في من أكره على غير الكفر من فعل ما لا يحل له، فقال أصحاب مالك: الأخذ بالشدة في ذلك واختيار القتل والضرب أفضل عند الله من الأخذ بالرخصة، ذكره ابن حبيب وسحنون، وذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنه إذا تهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف فله أن يفعل ما أكره عليه من شرب خمر أو أكل خنزير، فإن لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون آثما لأنه كالمضطر، وروى خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلت: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ـ فوصفه صلى الله عليه وسلم هذا عن الأمم السالفة على جهة المدح لهم والصبر على المكروه في ذات الله، وأنهم لم يكفروا في الظاهر وتبطنوا الإيمان ليدفعوا العذاب عن أنفسهم، وهذه حجة من آثر الضرب والقتل والهوان على الرخصة والمقام بدار الجنان. انتهى.
وأما إذا أمر الوالدان بالأخذ بالرخصة - حيث خشيا على ولديهما الضرر- فإنه تجب طاعتهما في ذلك، لأن لهما نفعا في هذا، ولا معصية في الفعل، وقد قرر العلماء وجوب طاعة الوالدين في كل ما لهما فيه نفع ولا ضرر على الولد فيه وليس هو معصية لله تعالى، ولتنظر الفتوى رقم: 212515.
والله أعلم.