هل من مات بحادث سيارة يعتبر شهيدا

0 300

السؤال

توفيت أمي وزوجتي وهي حامل في الشهر الخامس في حادث سيارة، فهل يعتبر موتهما درجة من درجات الشهادة؟ وهل يتقبل الله مني احتسابهم عنده وكذلك بنتي في الشهر الخامس ـ جنينا ـ ويكونون كما سمعت بمثابة شفعاء لي أو سببا في دخولنا الجنة وتنير قبورهم وتخفف عنهم السؤال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يعظم أجركم ويحسن عزاءكم، ويرحم موتاكم وموتى جميع المسلمين، ولتبشر ـ أيها السائل الكريم ـ بخير، فإن من فقد حبيبه من أهل الدنيا فحمد الله واسترجع واحتسبه عند الله تعالى بنى الله له بيتا في الجنة وسماه بيت الحمد، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة. رواه البخاري وغيره.

وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد. رواه الترمذي وغيره.

والأطفال يشفعون لآبائهم يوم القيامة، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بثوبه، أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى أو قال فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة.

وعن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده إن السقط، ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

قال علي الملا القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: وفيه إشارة بالغة إلى أن هذا الطفل الذي ليس له بالقلب كبير تعلق إذا كان هذا ثوابه فكيف بثواب من تعلق القلب به تعلقا كليا، حتى صار أعز من النفس عندها. انتهى.

وبخصوص الموت بحوادث السير أو من صدمته سيارة لم يرد نص في أن صاحبه يكون شهيدا، ولكن ورد في الحديث أن صاحب الهدم شهيد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من مات بحادث يعتبر شهيدا إلحاقا له بصاحب الهدم، إذا توفرت فيه شروط الشهادة وانتفت عنه موانعها، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عمن مات بحادث سيارة هل يعتبر شهيدا؟ فأجاب: الميت بحادث يكون من الشهداء ـ إن شاء الله ـ لأنه كالميت بهدم أو غرق أو نحو ذلك، ولكن ليعلم أننا لا نحكم على الشخص بعينه إنه شهيد حتى وإن عمل عمل الشهداء، لأن الشهادة للشخص بعينه لا تجوز كما لا تجوز الشهادة للشخص بعينه بالجنة إن كان مؤمنا أو بالنار إن كان كافرا، ولكن نقول إن من مات بحادث أو مات بهدم أو بغرق أو بحرق أو بطاعون، فإنه من الشهداء ولكن لا نخصه بعينه، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نرجو لهذا الرجل أن يكون من الشهداء. انتهى.

كما أن موت زوجتك وهي حامل قد ورد أنه أحد معاني الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والنسائي وغيرهما: والمرأة تموت بجمع شهيدة.

أي تموت وفي بطنها ولد، فإنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل، وقيل: هي التي تموت بكرا والأول أشهر. كما قال الحافظ في الفتح.

ومن مات بهدم أو غرق أو حادث سيارة أو غير ذلك من شهداء الآخرة ليس لهم فضل الشفاعة في سبعين من أهل بيته، وإنما يختص هذا الفضل بشهيد معركة الكفار، وهو شهيد الدنيا والآخرة، قال ابن قدامة ـ رحمه الله تعالى ـ في المغني: شهيد معركة الكفار أجره أعظم، وفضله أكثر، وقد جاء أنه يشفع في سبعين من أهل بيته، وهذا لا يلحق به في فضله، فلا يثبت فيه مثل حكمه، فإن الشيء إنما يقاس على مثله. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 42767، ورقم: 7135.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة