السؤال
أنا غير مسلمة، ولكن ألاحظ أن الإسلام فعلا منطقي، ويناسب أحوال البشر. إلا أنني لست مستعدة أن أعيش حياتي الحالية في شقاء وتعب وصعوبة، وأحرم نفسي من اللذات، والخمر، والخنزير من أجل الحياة الآخرة! لا أستطيع! أنا إنسانة كسولة وضعيفة ! لا أؤذي أحدا وأتمنى الخير للجميع! فهل أستحق الجحيم الخالد؟ وماذا سيحصل لأبي طالب؟ وأليس الله هو الذي يهدي ويضل؟ فلم لا يهدينا جميعا؟ وأجد عندي صعوبة في الاعتراف به كرب موجود، وإله نطيعه في كل شيء ألا يمكننا أن نعيش أحرارا من دونه؟!! رغم هذا كله أود أن يرسل لي آية إن كان موجودا، ولأطمئن أن الإسلام حق. فكيف أفعل؟ وإذا أسلمت أخاف الناس وعائلتي! وأخاف أن يطردوني!
وهل يمكنني أن أقرأ ترجمة معاني القرآن لعل الله يهديني؟ حتى الآن ما رأيت في الإسلام إلا خيرا. ولكن ربما تظهر لي سلبيات، وكذلك أخشى ألا أستطيع الصلاة خمس مرات وخصوصا الفجر! أنا أعجمية لا أتكلم العربيةـ ولكن سيترجم لي فلا إشكال في أن تردوا بالعربية .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهديك لأرشد أمرك، ويوفقك لما فيه الخير لك وصلاح دنياك وآخرتك، ثم اعلمي -هداك الله- أن الله تعالى هو خالق هذا الكون، وكل ذرة من ذرات الوجود شاهدة على نفسها بالحدوث، فنحن جميعا مربوبون مقهورون تحت قدرة الرب تعالى ومشيئته النافذة، فإذا كان الله وحده هو خالق هذا الكون، فإنه يتعين على خلقه طاعته واتباع أمره، فلا يعقل أن يخلق هو ويعبد غيره سبحانه، قال الله: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين {الأعراف:54}. ثم إن طاعة الله لا ينتفع الله بها، ولا تضره سبحانه معصية العبد، بل هذه العبادات إنما شرعها الله لعباده؛ لما فيها من سعادتهم وفلاحهم، وطيب العيش لهم في الدنيا ثم في الآخرة.
وأما طلبك آية تدل على وحدانية الله، ووجوب إفراده بالعبادة، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم، وصحة الدين الذي بعثه الله به. فحسبك القرآن الذي أنزله الله على رسوله، والمشتمل على مصالح الناس في دنياهم وآخرتهم، والذي تحدى الله الخلق جميعا أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله، فلم ولن يقدر على ذلك أحد؛ قال الله: أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون {العنكبوت:51}. فأسلمي تسلمي، وبادري بالدخول في هذا الدين العظيم الذي يكفل للعباد سعادة الدارين، والذي لا ينجو ولا يفلح في الآخرة إلا من اتبعه.
وأما خوفك من ألا تقدري على الحفاظ على الصلاة، أو ألا تتركي ما يحرمه الإسلام من شرب الخمر، وأكل الخنزير ونحو ذلك. فهو من تلبيس الشيطان عليك وإغوائه لك، فاعلمي أن الله هو المعين وهو الموفق، والذي سيوفقك للدخول في الإسلام سيعينك بفضله على الالتزام بتعاليمه. فاستعيني به سبحانه واستهديه، ولا تترددي لحظة في إجابة داعي الحق. ثم لو قدر أنك ارتكبت بعض المعاصي والمخالفات، فهذا خير لك من أن تبقي على الكفر بالله؛ فإن من مات مسلما فمصيره الجنة وإن كان من أهل المعاصي، نعم قد يعذب بقدر ذنوبه إذا زادت سيئاته على حسناته، ولم يغفر الله له، ولكن مآله إلى الجنة بخلاف الكفار بالله تعالى، فإنهم خالدون في النار أبدا لا يخرجون منها.
وأما أبو طالب فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخف أهل النار عذابا، في رجله شراكان من نار يغلي منهما دماغه.
وأما أن الله لماذا لم يهد جميع الخلق؟ فهو سبحانه حكيم يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، فيهدي من يعلم أنه محل للهداية وقبول الخير، ويضل من كان على الضد من ذلك، كما أنه سبحانه يجعل الأرض الطيبة تزكو بالنبات، والأرض الخبيثة بخلاف ذلك، ثم إنه سبحانه لا يظلم الناس شيئا، فقد بعث إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وخلق لهم إرادة ومشيئة بها يختارون الخير أو الشر، فلم يكرههم سبحانه على خلاف ما يريدون لأنفسهم من سعادة أو شقاوة. فدعي عنك هذه الأفكار، ولا تترددي في قبول الحق والانصياع له؛ فإن الآجال مغيبة، ولا يدري أحد متى يلقى الله تعالى، فسارعي إلى فضل ربك ومغفرته؛ فإنه تعالى رحيم بر، ومن أقبل عليه تلقاه سبحانه وأكرمه وأناله من خير الدنيا والآخرة.
ويمكنك قراءة ترجمة معاني القرآن من المصادر الموثوقة، وفي موقعنا نافذة بالإنجليزية لقرائها فيها خير كثير إن شاء الله، كما توجد على الشبكة العنكبوتية نوافذ كثيرة حسنة للناطقين بالإنجليزية، فيمكنك الدخول إلى شيء منها، والتعرف على مزيد مما تحتاجين إليه، شريطة أن يكون القائمون على هذا الموقع من المعروفين بالعلم بين أهل الإسلام من أهل السنة، وفقك الله وهداك، وشرح صدرك للإسلام، ويسر لك الخير.
والله أعلم.