السؤال
عشقت امرأة وهي تعشقني, وكنا متفقين على أننا سنتزوج بعد عدة سنوات, ولم يكن في علاقتنا أي شيء لا يرضي الله, وكنا محافظين على صلاتنا, ونحب فعل الخير, وكنت أحبها حبا شديدا, وفجأة أخذها الموت, فهل أستطيع العيش معها في الجنة - إن كتبها الله لي -؟ فإن كان الجواب نعم: فهل أستطيع أن أتزوج بها, وأن تكون هي المرأة الوحيدة معي في الجنة للأبد؟ أود أن أعرف الإجابة؛ لأنني لا أستطيع أن أعيش بدونها في الدنيا, وأنا الآن في المستشفى؛ لأني تناولت الكثير من الأدوية, محاولا الانتحار, واللحاق بها, وأنا في صدمة كبيرة, وأريد أن أعيش معها في الجنة للأبد, فهل أستطيع؟ وإن كان الجواب نعم: فهل علي ألا أتزوج في الدنيا أبدا؛ لكي أستطيع أن أتزوج بها في الجنة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرحمة الله واسعة، وهو جواد كريم سبحانه، فليس بعزيز عليه أن يجعل هذه الفتاة زوجة لك في الجنة, فاحرص على أن يكون همك الجنة, والعمل بعمل أهلها، والعيش على الإيمان وطاعة الرحمن، فقد قال الله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا {الكهف:107}.
والواجب عليك المبادرة إلى التوبة مما أقدمت عليه من محاولة الانتحار، وشروط التوبة سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 5450.
واحمد ربك أن أبقاك حتى تتوب, ولم تمت منتحرا، فإن الانتحار عاقبته وخيمة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده, يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا, ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا, ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
ولا ينبغي أن ترغب عن النكاح، ففيه خير عظيم ومصالح كثيرة تعتبر من الأسباب المعينة على دخول الجنة، جاء في كتاب الروض المربع عند قول صاحب الزاد: وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة ـ قوله: لاشتماله على مصالح كثيرة, كتحصين فرجه, وفرج زوجته، والقيام بها, وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم, وغير ذلك.... اهـ. هذا بالإضافة إلى أن زواجك من امرأة أخرى لا يمنع من أن تكون تلك زوجة لك في الجنة.
وننبه في الختام إلى خطورة أن يتحول حب الرجل لامرأة إلى درجة العشق، فقد يقود صاحبه إلى أمور لا تحمد عقباها، بل إنه قد يصل بصاحبه إلى حد الكفر - والعياذ بالله - ثم إنه ما يدري المسلم أنه لو تزوج فلانة هذه فسيكون في زواجه منها خير له، فهنالك الكثير من الأمثلة على الزواج القائم على الحب, ومع ذلك كان مصيره الفشل, ومن خير ما يتسلى به المسلم في هذا المقام قول الله عز وجل: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة:216}.
والله أعلم.