السؤال
ما حكم ترك الفقه الإسلامي والأخذ بالقانون؟ وهل هناك فرق بين الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي؟.
ما حكم ترك الفقه الإسلامي والأخذ بالقانون؟ وهل هناك فرق بين الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أولا أن لفظ الشرع والشريعة ويلحق بهما الفقه الإسلامي ـ كما سيأتي ـ أنها في عرف الناس على ثلاثة معان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: فلفظ الشرع والشريعة إذا أريد به الكتاب والسنة لم يكن لأحد من أولياء الله ولا لغيرهم أن يخرج عنه، ومن ظن أن لأحد من أولياء الله طريقا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا فلم يتابعه باطنا وظاهرا فهو كافر، وأما إذا أريد بالشرع حكم الحاكم فقد يكون ظالما، وقد يكون عادلا، وقد يكون صوابا، وقد يكون خطأ، وقد يراد بالشرع قول أئمة الفقه: كأبي حنيفة والثوري ومالك بن أنس والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم ـ فهؤلاء أقوالهم يحتج لها بالكتاب والسنة، وإذا قلد غيره حيث يجوز ذلك كان جائزا أي ليس اتباع أحدهم واجبا على جميع الأمة كاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يحرم تقليد أحدهم كما يحرم اتباع من يتكلم بغير علم، وأما إن أضاف أحد إلى الشريعة ما ليس منها من أحاديث مفتراة أو تأول النصوص بخلاف مراد الله ونحو ذلك، فهذا من نوع التبديل، فيجب الفرق بين الشرع المنزل والشرع المؤول والشرع المبدل. انتهى.
وقال أيضا ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: فلفظ الشرع قد صار له في عرف الناس ثلاث معان: الشرع المنزل، والشرع المؤول، والشرع المبدل ـ فأما الشرع المنزل: فهو ما ثبت عن الرسول من الكتاب والسنة، وهذا الشرع يجب على الأولين والآخرين اتباعه، وأفضل أولياء الله أكملهم اتباعا له، ومن لم يلتزم هذا الشرع أو طعن فيه أو جوز لأحد الخروج عنه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وأما المؤول: فهو ما اجتهد فيه العلماء من الأحكام فهذا من قلد فيه إماما من الأئمة ساغ ذلك له ولا يجب على الناس التزام قول إمام معين، وأما الشرع المبدل: فهو الأحاديث المكذوبة والتفاسير المقلوبة والبدع المضلة التي أدخلت في الشرع وليست منه والحكم بغير ما أنزل الله، فهذا ونحوه لا يحل لأحد اتباعه. انتهى.
ومن حكم بالقوانين الوضعية وترك الفقه والشرع الإسلامي المنزل استخفافا به أو احتقارا له أو اعتقادا أن غيره أصلح منه وأنفع للخلق فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: فنقول: من لم يحكم بما أنزل الله استخفافا به، أو احتقارا له، أو اعتقادا أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجا يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه. انتهى.
وأما عن الفرق بين الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، فبحسب ما تقدم بيانه عن معاني الشرع قد لا يكون بينهما فرق وهما بمعنى واحد، وقد يراد بالفقه جزء من الشريعة والشريعة أعم منه, قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع في تعريف الفقه: معرفة الأحكام العملية بأدلتها التفصيلية، شرح التعريف: قولنا: معرفة ولم نقل: علم، لأن الفقه إما علم وإما ظن، وليس كل مسائل الفقه علمية قطعا، ففيه كثير من المسائل الظنية، وهذا كثير في المسائل الاجتهادية التي لا يصل فيها الإنسان إلى درجة اليقين، لكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فقولنا: معرفة ـ لأجل أن يتناول العلم والظن وقولنا: العملية ـ احترازا من الأحكام العقدية، فلا تدخل في اسم الفقه في الاصطلاح، وإن كانت تدخل في الشرع، وقولنا: بأدلتها التفصيلية ـ احترازا من أصول الفقه، لأن البحث في أصول الفقه في أدلة الفقه الإجمالية، وربما تأتي بمسألة تفصيلية للتمثيل فقط. انتهى.
فالفقه بالمعنى الاصطلاحي أخص من الشريعة، والشريعة تشمله وتشمل العقائد والأخلاق والسلوك وسائر ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 15620، ورقم: 35130.
والله أعلم.