السؤال
أنا أقلد عالما من العلماء المعاصرين في أغلب المسائل الفقهية, فهل لي أن أترك تقليده في بعض مسائل الصلاة وآخذ بقول مخالفه؛ لأن ذلك القول أسهل لي؟ وما حكم كثرة الاستعاذة في الصلاة, إذا احتاج لها المصلي؟ وجزاكم الله خيرا.
أنا أقلد عالما من العلماء المعاصرين في أغلب المسائل الفقهية, فهل لي أن أترك تقليده في بعض مسائل الصلاة وآخذ بقول مخالفه؛ لأن ذلك القول أسهل لي؟ وما حكم كثرة الاستعاذة في الصلاة, إذا احتاج لها المصلي؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 134759 أن من أخذ بالأسهل في مسألة, أو مسألتين, أو نحو ذلك؛ لحاجته لذلك, فلا حرج عليه - إن شاء الله - وأن المذموم من اتباع الرخص إنما هو اتخاذ ذلك ديدنا للإنسان، فراجعها, وراجع للفائدة الفتوى رقم: 120226.
وقد بينا في الفتوى رقم: 67678 أن المصلي إذا أحس بوسوسة الشيطان, وهو يصلي, شرع له أن يتعوذ بالله منه, وأن يتفل عن يساره ثلاثا، والتفل هنا معناه: النفث، وهو: إخراج ريح الهواء من الفم مع شيء من الريق، ويكون هذا حين الإحساس بالوسواس، ويقول بصوت خافت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لما رواه مسلم عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي, يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان, يقال له: خنزب، فإذا أحسسته: فتعوذ بالله منه, واتفل على يسارك ثلاثا, قال: ففعلت ذلك, فأذهبه الله عني.
وظاهر الحديث أنه يشرع ذلك, كلما أحس بالشيطان تعوذ, قال الشيخ ابن عثيمين: والذي يظهر لي: أن قراءة الصلاة واحدة، فتكون الاستعاذة في أول ركعة، إلا إذا حدث ما يوجب الاستعاذة، كما لو انفتح عليه باب الوساوس، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا انفتح عليه باب الوساوس أن يتفل عن يساره ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. انتهى.
ولكن ننبهك على أن المقصود من الاستعاذة معناها مع لفظها، قال الغزالي في الإحياء: وإذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فاعلم أنه عدوك, ومترصد لصرف قلبك عن الله عز وجل, حسدا لك على مناجاتك مع الله عز وجل, وسجودك له, مع أنه لعن بسبب سجدة واحدة تركها, ولم يوفق لها, وأن استعاذتك بالله سبحانه منه بترك ما يحبه, وتبديله بما يحب الله عز وجل, لا بمجرد قولك, فإن من قصده سبع أو عدو ليفترسه, أو يقتله, فقال: أعوذ منك بذلك الحصن الحصين, وهو ثابت على مكانه, فإن ذلك لا ينفعه, بل لا يعيذه إلا تبديل المكان, فكذلك من يتبع الشهوات التي هي محاب الشيطان, ومكاره الرحمن, فلا يغنيه مجرد القول, فليقترن قوله بالعزم على التعوذ بحصن الله عز وجل عن شر الشيطان ... والمتحصن به لا معبود له سوى الله سبحانه, فأما من اتخذ إلهه هواه فهو في ميدان الشيطان, لا في حصن الله عز وجل. انتهى.
فإذا أتيت بالاستعاذة على وجهها: صرف عنك - إن شاء الله - كما صرف عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه -.
والله أعلم.