السؤال
أنا أستطيع أن آخذ مالا من والدي؛ لأجل أن أكفر عن الأيمان الكثيرة التي حلفتها, ولا أعلم عددها, و أخبرتكم بالتفصيل في الفتوى: 216370, لكني لا أستطيع أن آخذ المال منهم دفعة واحدة؛ فمن الصعب أن أخبرهم أن المال لأجل التكفير عن عدة أيمان، ولو أردت أن أجمع المال فسوف تطول المدة, والمشكلة الأخرى: كيف أعطيها للمساكين؟ فأنا لا أستطيع؛ لأن أبي ربما يقول: إنني موسوسة ونحو ذلك, ولا أظن أن أمي ستفهم ما أعنيه حقا, رغم أنني فعلا كنت كثيرة الحلف, وبعضها أقصدها, لكني لم أتوقع أنه سيكون علي كفارات كثيرة, وتوقعت أن الكفارة عنها كلها واحدة, فهل يجوز لي أن أصوم بدلا من الإطعام؟ وهل أحسب الحلف في الأيام التي لم أكن أصلي فيها بعد أن تبت وهداني الله - ولله الحمد والمنة -؟ لأني أقول: إن تارك الصلاة كسلا كافر؛ لأن الأحاديث واضحة وصريحة, وهذا أظنه أقرب للصواب, وليس اتباعا للأسهل؛ لأن في الحديث عن جابر - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة", وأرجو الدعاء لي بالهداية والمغفرة, وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية, والمغفرة, والاستقامة, والسلامة من الوسوسة.
ونفيدك أن كثرة الحلف مذمومة شرعا، وينبغي للمسلم تجنبها، ومن لزمته الكفارة فإنه يكفر حسب حالته التي هو عليها - من يسار أو إعسار -.
فإن كان عندك من المال ما يكفي للإطعام, أو الكسوة, أو تحرير الرقبة: فلك أن تكفري بأيها شئت.
وإن لم يكن عندك من المال ما يكفي: فعليك أن تكفري بصيام ثلاثة أيام عن كل يمين.
ولست مطالبة بتأخير الكفارة حتى تجدي من المال ما يكفي لها.
ولا يلزم والديك إعطاءك ما تطعمين به؛ لأن ذلك ليس من النفقة الواجبة التي بيناها في الفتوى رقم: 177183.
والأولى أن تعجلي الكفارة بما تيسر لك؛ لوجوبها على الفور بعد الحنث، كما هو المشهور من أقوال أهل العلم، جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: والكفارة واجبة على الفور, على المشهور من الخلاف، لكن بعد الحنث. اهـ
وقال البهوتي في كشاف القناع - وهو حنبلي -: تجب كفارة يمين ونذر على الفور إذا حنث، لأنه الأصل في الأمر المطلق. انتهى.
وقيد الشافعية ذلك بما إذا كان الحنث معصية، قال صاحب تحفة المحتاج: فرع: هل يجب إخراج الكفارة على الفور؟ قال في التتمة: إن كان الحنث معصية: فنعم، وإلا فلا. اهـ
وعليك أن تحسبي الأيام التي تركت الصلاة فيها؛ لأن الراجح أن تارك الصلاة كسلا لا يعتبر كافرا, كما رجحه النووي, وابن قدامة, وقد سبق أن ذكرنا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 68656، 107674، 103984.
والله أعلم.