الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من فعلكم هذا دليل على تهاونكم بأمور الشرع, وتقصيركم في تعلم ما يلزمكم، والواجب عليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا التقصير.
وأما ترككم الإحرام من الميقات: فيجب فيه دم عن كل واحد منكم, يذبح في مكة, ويوزع على فقراء الحرم؛ لأن الإحرام من الميقات واجب, فمن تركه فعليه دم, ومن عجز عن الدم فعليه صيام عشرة أيام قياسا على العاجز عن دم التمتع، وانظر الفتوى رقم: 123775.
ثم إن كنتم أحرمتم بالعمرة متمتعين بها إلى الحج, ثم خرجتم من مكة قبل أن تحرموا بالحج: فلا شيء عليكم.
وأما إن كنتم خرجتم بعد أن أحرمتم بالحج, أو كنتم أحرمتم قارنين بين الحج والعمرة: فإنكم لم تحلوا من إحرامكم، بل لم تزالوا محرمين؛ لأن النسك يلزم بالشروع فيه, فلا يمكن رفضه، وانظر الفتوى رقم: 139297.
والواجب عليكم - والحال هذه - الرجوع إلى مكة, فتتحللون بعمرة, وعليكم الحج من قابل, وعليكم الهدي: لأن الحج فاتكم بتفريط منكم، ولتفصيل القول في من فاته الحج بعد إحرامه به انظر الفتوى رقم: 130585.
فإن عجزتم عن إتيان مكة: فالواجب التحلل بذبح هدي, كما يتحلل المحصر.
وإن كنتم أحرمتم قارنين, ثم فسختم الحج إلى عمرة, وتحللتم منها, وانصرفتم: فقد أسأتم, ولكن لا يلزمكم ما ذكر من القضاء والهدي على قول بعض أهل العلم ممن يجوزون فسخ الحج إلى عمرة، قال في كشاف القناع: فإن قيل هل يصح - يعني الفسخ - وإن لم يعتقد فعل الحج من عامه, قيل: منعه ابن عقيل, وغيره, نقل ابن منصور: لا بد أن يهل بالحج من عامه؛ ليستفيد فضيلة التمتع؛ ولأنه على الفور, فلا يؤخره لو لم يحرم به, فكيف وقد أحرم به؟ واختلف كلام القاضي, وقدم الصحة؛ لأنه بالفسخ حصل على صفة يصح منه التمتع؛ ولأن العمرة لا تصير حجا, والحج يصير عمرة, كمن حصر عن عرفة, أو فاته الحج. انتهى.
والله أعلم.