السؤال
بحثت عندكم عن تراجم بعض الأشخاص، وعن بعض الفرق أيضا، ورأيت أنكم تحكمون عليهم بالخير أو الشر اعتمادا على الفكر، ولكني أرى بأن الفكر ليس هو المسألة، بل المسألة هي العمل وليس فكرهم، فهم قد يكونون في الفكر مسلمين، لكن في الفعل عاصين، فمثلا الإخوان المسلمون يدعون إلى الديمقراطية مثلا وهي ليست من شرع الإسلام وإن قالوا ديمقراطية إسلامية، نحن نريدها فقط إسلامية فهذا ما أمرنا به، مع أن فكرها إسلامي، وعلى ذلك أسألكم في حكم تصرف الإخوان المسلمين، وأيضا حكم التصرفات الأخيرة للشيخ الدكتور يوسف القرضاوي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الجمع بين سلامة الفكر وصحة المعتقد، وبين حسن السلوك وصلاح العمل، أمر ضروري، وهذا هو الصراط المستقيم الذي يكمل صاحبه قوته النظرية العلمية، وقوته الإرادية العملية. والذي يسأل المسلم ربه دائما أن يهديه إياه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لفظ " الهدى " إذا أطلق تناول العلم الذي بعث الله به رسوله، والعمل به جميعا، فيدخل فيه كل ما أمر الله به، كما في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}. والمراد طلب العلم بالحق، والعمل به جميعا. وكذلك قوله: {هدى للمتقين} والمراد به أنهم يعلمون ما فيه ويعملون به، ولهذا صاروا مفلحين .. اهـ.
وقال أيضا: والحق المبين أن كمال الإنسان أن يعبد الله علما وعملا كما أمره ربه، وهؤلاء هم عباد الله، وهم المؤمنون والمسلمون، وهم أولياء الله المتقون، وحزب الله المفلحون، وجند الله الغالبون، وهم أهل العلم النافع والعمل الصالح، وهم الذين زكوا نفوسهم وكملوها، كملوا القوة النظرية العلمية والقوة الإرادية العملية، كما قال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار}. وقال تعالى: {والنجم إذا هوى. ما ضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى}. وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}. اهـ.
وهذا من حيث المبدأ واضح بين، لا إشكال فيه. وأما تنزيله على الواقع، والحكم على الأشخاص والأعيان بحصوله أو عدمه، فهذا شأن آخر، يتفق فيه الناس ويختلفون. ويتقاربون ويتباعدون. وإصابة الحق في ذلك تتطلب علما راسخا بالشرع، وفهما عميقا للواقع، وتثبتا في نسبة الأفكار والمواقف إلى أصحابها. وتجردا عن الهوى، وعدلا وإنصافا للموافق والمخالف، هذا مع خلوص النية وحسن المقصد في تناول القضايا، ولاسيما الشائكة منها.
وليس من شأننا في هذا الموقع: الحكم على الأشخاص أو الجماعات، فهدفنا إسعاف عامة المسلمين بإجابة أسئلتهم واستفساراتهم. وراجع الفتوى رقم: 31460. ولذلك تجد إجاباتنا في هذا الموضوع إجابة إجمالية، ومن ذلك أننا نبهنا في فتوى سابقة على أن جماعة الإخوان المسلمين كغيرها من الجماعات، فيها الصواب والخطأ، فلها ما لها وعليها ما عليها؛ وراجع الفتوى رقم: 221932.
وكذلك الدكتور يوسف القرضاوي، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعتبر في ما يقوله هو أو غيره من أهل العلم الأدلة الشرعية، فيؤخذ منهم ويترك بحسبها، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 6506.
وأما في ما يخص الديمقراطية والدولة المدنية فراجع فيه الفتوى رقم: 154193.
والله أعلم.