هل الأهل في الدنيا هم الأهل في الآخرة؟

0 260

السؤال

هل الأهل في الدنيا هم الأهل في الآخرة - لا قدر الله -؟ ولا أقصد بذلك الزوج.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسؤال لا يخلو من غموض, فإن كان المقصود أن الشخص ـ ذكرا كان أو أنثى ـ إذا دخل الجنة يكون معه أهله - من زوج, أو زوجة - وقرابته - من آباء, وأبناء, وغيرهم - فالجواب: أنه من تمام نعيم أهل الجنة أن الواحد منهم يلحق به أهله, وأقاربه المؤمنون خاصة, ولو كانوا في درجة أقل من درجته في الجنة إكراما له, وزيادة في سروره, جاء في تفسير القرطبي:  قال سعيد بن جبير: يدخل الرجل الجنة، فيقول: يا رب أين أبي, وجدي, وأمي؟ وأين ولدي, وولد ولدي؟ وأين زوجاتي؟ فيقال: إنهم لم يعملوا كعملك، فيقول: يا رب كنت أعمل لي, ولهم، فيقال: أدخلوهم الجنة، ثم تلا: الذين يحملون العرش ومن حوله ـ إلى قوله: ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ـ ويقرب من هذه الآية قوله: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم {الطور: 21}. انتهى.

وفي تفسير ابن كثير: وقوله: ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ـ أي: يجمع بينهم, وبين أحبابهم فيها من الآباء, والأهلين, والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقر أعينهم بهم، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته، بل امتنانا من الله, وإحسانا، كما قال تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين {الطور: 21}. انتهى.

وقال الشوكاني في فتح القدير: ومن صلح من آبائهم ـ يشمل الآباء, والأمهات: وأزواجهم وذرياتهم ـ معطوف على الضمير في يدخلون، وجاز ذلك للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: ويدخلها أزواجهم وذرياتهم، وذكر الصلاح دليل على ألا يدخل الجنة إلا من كان كذلك من قرابات أولئك، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء, أو الأزواج, أو الذرية بدون صلاح.  انتهى.

وفي تفسير السعدي: فسرها بقوله: جنات عدن ـ أي: إقامة لا يزولون عنها، ولا يبغون عنها حولا؛ لأنهم لا يرون فوقها غاية؛ لما اشتملت عليه من النعيم والسرور، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات، ومن تمام نعيمهم وقرة أعينهم أنهم: يدخلونها ومن صلح من آبائهم ـ من الذكور والإناث: وأزواجهم ـ أي: الزوج أو الزوجة، وكذلك النظراء, والأشباه, والأصحاب, والأحباب، فإنهم من أزواجهم, وذرياتهم. انتهى.

وننبه السائلة إلى أن الجنة ليست فيها عداوة, ولا شحناء, ولا بغضاء, ولا تحاسد, فهذه الصفات الذميمة يطهرون منها, وتنزع من قلوبهم قبل دخول الجنة, قال تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين {الحجر:47}.

وجاء في تفسير الطبري: قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وصف صفتهم، وأخبر أنهم أصحاب الجنة، ما فيها من حقد, وغمر, وعداوة كان من بعضهم في الدنيا على بعض، فجعلهم في الجنة إذا أدخلهموها على سرر متقابلين، لا يحسد بعضهم بعضا على شيء خص الله به بعضهم, وفضله من كرامته عليه، تجري من تحتهم أنهار الجنة. انتهى.
وفي تفسير ابن كثير: وقوله: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ـ روى القاسم، عن أبي أمامة قال: يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن؛ حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل، ثم قرأ: ونزعنا ما في صدورهم من غل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة