الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة المرأة رجلا أجنبيا عنها أمر منكر، خاصة إذا كانت متزوجة؛ لعظيم حق زوجها عليها؛ إذ الواجب عليها حفظه في نفسها حال غيبته، قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله {النساء:34}.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قانتات ـ يعني مطيعات لأزواجهن. اهـ.
وقال السدي: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. اهـ.
وإذا تابت الزوجة من مثل هذه المحادثات, وأظهرت ندما, وحسن سيرة, واستقامة، فالواجب حملها على ما يظهر من أمرها, وأن يظن بها الخير؛ حتى يثبت خلاف ذلك، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}.
والأفضل إمساكها, والحالة هذه؛ لأن الطلاق لغير سبب مكروه، بل ذهب بعض العلماء إلى تحريمه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 227743.
ولا يعتبر إمساكها نوعا من الدياثة، وإذا كانت الزوجة مطيعة لم يجز للزوج تأديبها؛ لقول الله تعالى: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا {النساء:34}.
قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ قوله: إن الله كان عليا كبيرا ـ تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن، وهو منتقم ممن ظلمهن, وبغى عليهن. اهـ.
ونوصيك بالحرص على تربية زوجتك على الإيمان, والخير, والفضيلة، فهذا يبعث في قلبها الخوف من الله تعالى, ومراقبته في السر والعلن، وعليك بأن تكون قدوة لها في الخير، فالقول إذا خالف الفعل لم ينتفع به غالبا، وفيما يتعلق بالهجر وضوابطه ـ عند وجود سببه, وهو النشوز ـ فقد ذكرنا جملة منها في الفتويين رقم: 103280، ورقم: 71459.
ولا يتحدد مثل هذا الهجر بمدة معينة، كما بينا في الفتوى رقم: 7119.
وللزوج حرمان زوجته الناشز من أمور الاستمتاع, كالوطء, ونحوه، ولا يلزمه هجرها في الفراش، ولا يكون آثما إن لم يفعل.
والله أعلم.