السؤال
ما حكم بيع الطعام للمسلم إذا علم أنه يريد به الاحتفال بعيد الميلاد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفتى به عندنا أن الاحتفال بعيد الميلاد أو غيره من الأعياد المحدثة، محرم لا يجوز.
سئل ابن عثيمين: عن حكم أعياد الميلاد؟ فأجاب بقوله: يظهر من السؤال أن المراد بعيد الميلاد عيد ميلاد الإنسان، كلما دارت السنة من ميلاده أحدثوا له عيدا تجتمع فيه أفراد العائلة على مأدبة كبيرة أو صغيرة. وقولي في ذلك أنه ممنوع؛ لأنه ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحى، وعيد الفطر من رمضان، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة. وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان لأهل الجاهلية، يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، المدينة قال: "كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد بدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى. اهـ.
وانظر مزيد بيان في الفتوى رقم: 60980.
ويرى بعض المشايخ أن أعياد الميلاد الشخصية لا بأس بها، كالدكتور سلمان العودة، فقد قال -كما جاء في موقعه: الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي ليس له أي بعد عقائدي، مشيرا إلى أن الشريعة جاءت بالمنع والحذر، والتوقيف للأشياء ذات البعد الديني، لكن الأشياء الدنيوية والعادات، فإن الأصل فيها الإذن والسماح، إلا إذا اقترن بها شيء يمنع منها مثل "التشبه".
وقال: إن الذي يظهر لي أن هذه الاحتفالات الفردية ـ وذلك مثل أن يجمع طفل أصدقاءه، وأولاد عمه، وأولاد خاله في مجموعة ألعاب، أو على شيء من هذا القبيل؛ أشياء في غاية البراءة والبساطة، والعفوية ـ لا تحمل أي بعد عقائدي، فإن الأصل فيها هو الإذن وليس المنع، لافتا إلى أن الأصل ـ دائما ـ أقوى من الشيء الطارئ على الأصل، موضحا أن مثل هذا الاحتفال ليس تشبها، فهو ليس من خصوصيات الأمم الكافرة، وإنما هذا موجود الآن عند معظم ـ بل كل ـ شعوب العالم. اهـ.
وإذا قلنا بحرمة الاحتفال بعيد الميلاد، فلا يجوز بيع الطعام أو غيره لمن يستعين به في الاحتفال بعيد الميلاد.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد -عيد الحب - أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكل، أو شرب، أو بيع أو شراء، أو صناعة أو هدية، أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك؛ لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله ورسوله، والله جل وعلا يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}.اهـ.
وقال الأستاذ الدكتور عجيل النشمي: القاعدة عند جمهور الفقهاء: إن كل ما يقصد به إلى محرم، وكل تصرف يقضي إلى معصية، فهو محرم، وإن مقدمة المحرم محرمة. وعلى هذا يحرم بيع ما علم أن المشتري يقصد به فعلا محرما، أو يستعين به على معصية. وعلى هذا يمكن الحكم على بيع الشمع لمن يتخذه لعيد الميلاد، فإن كان بيعه لمسلمين يستخدمونه لحفلات عيد الميلاد، فهذا فعل أقرب إلى الحرمة منه للكراهة، فهو مكروه كراهة تحريمية؛ لما فيه من التشبه بغير المسلمين، بما هو من عاداتهم. اهـ.
وعلى القول بإباحة أعياد الميلاد فإن بيع الطعام لمن يستعين به في الاحتفال بعيد الميلاد جائز.
وقد سئل الدكتور سلمان العودة: ما حكم بيع مستلزمات أعياد الميلاد الشخصية كالزينة، والبالونات، والمفارش المزخرفة، وهي قد صنعت وصممت على أن تستعمل لإقامة أعياد الميلاد؟ أيضا ما حكم بيع أو زراعة أشجار الصنوبر وغيرها مما يستخدمه النصارى في أعياد الكريسمس؟ هل يحرم بيعها وزراعتها إذا كانت لهذا القصد؟
فأجاب: تعاطي، أو بيع، أو تصنيع الأشياء التي تستخدم في أمر محرم، لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وذلك كالهدايا والأشجار التي تستخدم فيما يسمى عيد الكريسمس. أما ما يتعلق بأعياد ميلاد الأشخاص، فقد تختلف؛ لأنها ليست ذات طابع ديني، ولأنها ليست عيدا بمعنى العيد الشرعي العام للأمة، وإنما هي مناسبة شخصية خاصة، لا تعني إلا صاحبها فهي ذكرى لشيء عزيز لا غير. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 170869 .
والله أعلم.