السؤال
أقرأ الفاتحة في الصلاة كما هو معروف، لكن سمعني أحد كان بجانبي وأنا أقول: (سراط الذين) وأنا أخرجها بضم أسناني مع لساني، لنطق الذال، ونحن نعرف كيف نقول ذالا ولا نقول زايا، فقال: قولي سراط الزين، ليس بقصد نطقها كالزاي، بل لكي تخرج صحيحة في ظنه.
فهل إن قرأتها بضم أسناني فقط لكي يخرج الحرف على صوت الذبابة (أشبه بنطق الزاي) تبطل صلاتي؟
وشيء آخر أنا أوسوس في الوضوء بسبب وساوس الريح، فكلما سمعت صوتا رفضت نية الوضوء، وأريد أن أعرض عن الوساوس، لكن يحدث رفض للنية، وهذا مبطل للعمل.
فهل أعرض عن الوساوس، ورفض النية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أن الوسوسة داء عضال، والذي ينبغي للمصاب بهذا الداء هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، والوسوسة في مخارج الحروف وكيفية النطق من أبواب الشر، فليحذر منها، وقد حذر أهل العلم من الوسوسة في هذا الباب؛ لما يفضي إليه من الشر، والإعراض عن التدبر والخشوع.
قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: وقد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف، فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة، وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد، وتارة في إخراج ضاد المغضوب. ولقد رأيت من يقول المغضوب، فيخرج بصاقة مع إخراج الضاد لقوة تشديده، وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب، وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق، ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة. وكل هذه الوساوس من إبليس. انتهى.
وما ذكرته في سؤالك هو من هذا التكلف والتنطع الذي حذر منه ابن الجوزي وغيره من العلماء، فلتقرئي الفاتحة بصورة عادية طبيعية غير متكلفة، مع الحرص على إخراج الحروف من مخارجها دون زيادة على هذا الحد الواجب، وكلمة الصراط تقرأ بالصاد ومخرجها معروف، وقرأها بعض السبع بالسين، وبإشمامها صوت الزاي.
قال في البدور الزاهرة: " الصراط، وصراط " قرأ قنبل، ورويس بالسين فيهما حيث وقعا. وقرأ خلف عن حمزة بالصاد مشمة صوت الزاي حيث وقعا كذلك. وقرأ خلاد مثل خلف في الموضع الأول خاصة وهو " اهدنا الصراط المستقيم " في هذه السورة. والباقون بالصاد الخالصة في جميع القرآن. انتهى. فالأمر بحمد الله واسع لا يحتاج إلى هذا التكلف والعناء، وبأي قراءة من المتواتر قرأ المصلي، فصلاته صحيحة.
وأما الذال في الذين فلا بد من أن تنطق على وجهها، وإن كان بعض العلماء قد سهل في نطقها زايا في حق العوام. ولتنظر الفتوى رقم : 113626.
وأما الوسوسة في باب الوضوء فعلاجها كذلك هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، فمهما أوهمك الشيطان أنه قد خرج منك شيء، فالحل الأمثل هو طرح الوسواس وعدم الالتفات إليه بمرة، ولا التفات كذلك إلى ما يقع في قلبك من رفض نية الوضوء أو غير ذلك من الأوهام والوساوس؛ ولتنظر الفتوى رقم: 51601 ، ورقم: 134196.
والله أعلم.