السؤال
حرمان الأولاد من العطية والهبة والميراث: نحن خمسة إخوة ـ ولدان وأربع بنات ـ وأنا أصغر هذين الولدين، ورثت الأم من الأراضي والذهب ولكنها خصت البنات بكل أموالها، فعند زواج بعض البنات كانت تبيع من إرثها وتزوج البنات، وقامت مؤخرا بهبة ذهبها لبناتها في الوقت الذي أعاني من ضيق اليد وعدم مقدرتي على الزواج بعد أن تزوجت كل أخواتي وأخي، مع العلم أن كل إخوتي ميسورون بطريقة ملحوظة ولديهم العديد من الأموال والمشاريع، ولكنها في كل المناسبات تخبرنا ـ أنا وأخي ـ أنها لن تعطينا مليما واحدا وستبيع أرضها وتعطيها لبناتها وتذهب للحج والعمرة مع أنها أدت فريضة الحج سابقا، فما الحكم في عدم إعطائي مليما واحدا وخاصة أنني أحتاج المساعدة في الزواج، وقد قاربت على الأربعين ولم أتزوج بعد؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد ونهى عن التفضيل بينهم في العطايا والهبات، والراجح عندنا أن العدل واجب بين الأولاد، وأنه يكون بإعطاء الذكر مثل الأنثى، وانظر الفتوى رقم: 6242.
والأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد، قال ابن قدامة: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب.
وعليه، فالواجب على أمكم أن تسوي بين أولادها ذكورهم وإناثهم فيما يزيد على النفقة الواجبة بالمعروف، قال ابن تيمية:.. فإن زاد على المعروف فهو من باب النحل، ولو كان أحدهما محتاجا دون الآخر أنفق عليه قدر كفايته، وأما الزيادة فمن النحل.
والتسوية تكون إما بأن تعطي للباقين مثل ما أعطت، أو ترد ما أعطته لبعض أولادها، قال ابن قدامة: فإن خص بعضهم بعطيته أو فاضل بينهم فيها إثم ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر.
وينبغي على أمكم أن تزوجكم إذا كنتم محتاجين وكانت موسرة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب النفقة على الأبناء المحتاجين ولو كانوا بالغين قادرين على الكسب، وجعلوا الإعفاف من النفقة الواجبة، قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: شمل قوله: وأولاده وإن سفلوا ـ الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب.
وقال ابن قدامة: إذا ثبت هذا، فإن الأم تجب نفقتها، ويجب عليها أن تنفق على ولدها إذا لم يكن له أب.
و قال البهوتي رحمه الله: ويجب إعفاف من تجب له النفقة.
فبينوا ذلك لأمكم برفق وأدب، واعلموا أن حق الأم على ولدها عظيم، ومهما كان حالها فواجب عليهم مصاحبتها بالمعروف، ولا تجوز الإساءة إليها أو التقصير في برها.
والله أعلم.