السؤال
حصل خلاف بين زوجتي ووالدها، وحاولت الإصلاح أنا ووالدته وأحد إخوانه وأخواته، لكن الخلاف كان شديدا لدرجة أن والدها هددها بالقتل، فغضبت أشد الغضب، وقلت ابنتكم طالق، وخرجت وكانت في طهر جامعتها فيه، وتركتها في بيت والدها، وبعد خمسة أيام جاءتها الدورة وبعد أن طهرت بيومين راجعتها، فهل وقع الطلاق عليها ويعتبر طلقة واحدة؟.
ثانيا: بعد أسبوع من عودتها حصل خلاف بيني وبينها، ثم اتفقنا على الفراق وكانت في طهر جامعتها فيه أيضا، وعندما همت بالخروج مع والدها قال والدها أسمعها أنك طلقتها، فقلت: أنت طالق طالق، ثم كررتها أنت طالق طالق، وأنا بكامل قوتي العقلية؟ فهل تعتبر طلقة واحدة أو طلقتين؟ وهل بهذا أصبحت في بينونة كبرى لا يمكن إرجاعها مرة ثانية للبيت؟ وهل تجوز لي مراجعتها؟ علما بأنه ليس لدي أولاد منها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا بلغ حدا يسلب إدراك صاحبه ويغلب على عقله، وراجعي الفتوى رقم: 98385.
والذي عليه أكثر أهل العلم ـ وهو المفتى به عندنا ـ أن الطلاق في الحيض أو في طهر حصل فيه جماع واقع مع مخالفته للسنة، وانظر الفتوى رقم: 5584.
وعليه، فما أوقعته من طلاق في طهر جامعتها فيه أو حال حيضها فهو واقع إن كنت تلفظت بالطلاق مدركا غير مغلوب على عقلك، وإن كان قصدك بقولك: اتفقنا على الطلاق، أنك تلفظت به فقد وقع ويكون ما بعده من قولك: أنت طالق طالق أكثر من مرة استجابة لأمر والد الزوجة إخبارا به وليس إنشاء لطلاق جديد، وإن كان المقصود بالاتفاق مجرد الوعد بالطلاق فلا يترتب على الوعد طلاق، وانظر الفتوى رقم: 201490.
ولا أثر لتكرار لفظ الطلاق في الصيغة المذكورة طالق طالق على عدده، فهو محمول على التأكيد ما لم تنو به إنشاء طلاق جديد، جاء في المغني لابن قدامة: فإن قال أنت طالق طالق طالق ـ وقال أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل ـ وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات. انتهى.
أما إن كانت الصيغة هي أنت طالق طالق، أنت طالق طاق، فإن قصدت به إيقاع الطلاق أكثر من مرة وقعت كلها عند الجمهور، وإن قصدت التأكيد فقط، لم تقع إلا واحدة، وإن لم تنو شيئا وقعت طلقتان: قال ابن قدامة في المغني: إذا قال لامرأته المدخول بها أنت طالق مرتين ونوى بالثانية إيقاع طلقة ثانية وقعت بها طلقتان بلا خلاف، وإن نوى بها إفهامها أن الأولى قد وقعت بها أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة، وإن لم تكن له نية وقع طلقتان، وبه قال أبو حنيفة ومالك. انتهى.
وعليه، فتحديد عدد طلقاتك يترتب على معرفة نيتك وحقيقة ما صدر منك من صيغ وماذا تنوي، وأخيرا نفيد بأن المطلقة طلاقا رجعيا لا يجوز لها أن تخرج من بيتها، ولا يجوز لزوجها أن يخرجها منه حتى تنتهي عدتها، لقوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن {الطلاق:1}.
والله أعلم.