السؤال
نحن في بلد أهله مسلمون من غير البلاد العربية، وندرس في الجامعة، ومن المشاكل التي تواجهنا البدع التي نراها من أبناء هذه البلاد في الصلاة تحديدا، ولا تخلو عبادات أبناء هذه البلاد من بدع الصوفية في الصلاة وغيرها، وحين نأتي لنصلي في مسجد صغير أو مصلى بالمنطقة التي نقيم فيها، فإن المصلين وهم من أبناء البلد يفضلون عدم تركنا للإمامة رغم أن فينا من يحفظ كتاب الله تعالى ولساننا عربي وقراءتنا واضحة، والسبب في عدم تركهم لنا للإمامة كما فهمنا أننا لا نمارس البدع التي اعتادوا عليها مثل الذكر والدعاء الجماعي بعد الصلاة، والمشكلة الحقيقية أن كثيرا ممن يقدمونهم للإمامة لديهم لحن في بعض الحروف مثل: الذال ينطقونها زايا، والثاء ينطقونها سينا، والضاد ينطقونها دالا، والظاء ينطقونها زايا، والقاف ينطقونها قريبة من الكاف، وهذا اللحن يتفاوت من شخص لآخر، ولا يخفى عليكم ما سيترتب من مفسدة إن حاولنا التقدم للإمامة دون أن يأذنوا لنا ويطلبوا منا التقدم، لأنهم بذلك سينفرون منا، بل ربما أدى ذلك لعداوتهم لنا، هذا مع التنبيه أن معظمهم قراءته للفاتحة لا بأس بها وقد يلحن لحنا جليا وغير جلي، أما في باقي السور فحدث ولا حرج، وسؤالي هو: هل هذه الحال مما يجيز مثلا الاشتراك في بدعتهم وهي الذكر والدعاء الجماعي بعد كل صلاة مكتوبة ـ ولو فعلنا ذلك لربما قدمونا للإمامة في معظم الصلوات؟ وهل نبقى على حالنا نصلي خلف أي منهم، مع كثرة ما عندهم من لحن في القراءة؟ وهل نصلي في البيت أنا وأصدقائي جماعة، رغم أنني أحب المسجد والصلاة فيه؟ وهل لو صلينا صلاة سرية كالظهر والعصر خلف أحد منهم ممن نعلم أنه يلحن في القراءة هناك بأس، باعتبار أنه لا يجهر بالقراءة؟.
وجزاكم الله تعالى خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالواجب عليكم اتباع السنة واجتناب طريق أهل البدع والمحدثات، ففي الحديث الصحيح: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث العرباض بن سارية.
وقال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا {الحشر: 7}.
ولا تجوز لكم مشاركة أهل البدع في بدعتهم، وقد حذر الله تعالى من موافقة أهل الباطل في أعمالهم، فقال تعالى: ودوا لو تدهن فيدهنون {القلم:9}.
وروى الطبري في تفسيره عن ابن عباس أن معناه: لو ترخص لهم فيرخصون. اهـ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤونة الناس. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وكله إليه، ومن أسخط الناس برضى الله.. لأنه جعل نفسه من حزب الله ولا يخيب من التجأ إليه، ألا إن حزب الله هم المفلحون. اهـ.
وما ذكرته عن تلك الجماعة من الأخطاء في القراءة بعضه تبطل به الصلاة، لأنه يغير المعنى كإبدال الضاد دالا فلو قرأ المصلي: ولا الدالين ـ لم تصح الصلاة خلفه, وانظر الفتويين رقم 202543, ورقم: 200755.
ولا فرق فيما ذكر بين الصلوات الجهرية والسرية، جاء في أسنى المطالب: ولا قدوة بمن يعجز ـ بكسر الجيم أفصح من فتحها ـ عن الفاتحة، أو عن إخراج حرف منها من مخرجه, أو عن تشديد منها لرخاوة لسانه، ولو في السرية، لأن الإمام بصدد تحمل القراءة, وهذا لا يصلح للتحمل. اهـ.
وما ذكرته من أنكم لو شاركتموهم في بدعتهم لربما قدموكم للإمامة ليس مبررا للوقوع في البدعة, وربما شاركتموهم ولم يقدموكم أيضا, ولا يجب عليكم شرعا أن تصلوا في ذلك المسجد، ويمكنكم أن تنتقلوا إلى مسجد آخر، وإذا لم يوجد فلكم أن تصلوا جماعة في بيوتكم، إذ إن الواجب يحصل بأداء الجماعة ولو في غير المسجد عند كثير من القائلين بوجوبها, وانظر الفتوى رقم: 174811.
والله أعلم.