السؤال
هل توجد أشياء تحجب استجابة الله لدعاء العبد؟ أو ما هي الذنوب التي ترد الدعاء؟ وهل هذه الذنوب يمكن التوبة عنها؟
هل توجد أشياء تحجب استجابة الله لدعاء العبد؟ أو ما هي الذنوب التي ترد الدعاء؟ وهل هذه الذنوب يمكن التوبة عنها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين العلامة ابن القيم - رحمه الله - بعض الأسباب المانعة من إجابة الدعاء، ومنها: الذنوب بجملتها، فإن رينها على القلب مانع من إجابة الدعاء، وبخاصة الغفلة، والإعراض، وأكل الحرام، قال ابن القيم - رحمه الله -: وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه - بأن يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان - وإما لضعف القلب، وعدم إقباله على الله، وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا، فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة، والشهوة، واللهو، وغلبتها عليها، كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه. فهذا دواء نافع، مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته، ويضعفها، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس، إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} [المؤمنون: 51] وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: 172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟. وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه: أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم: إنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم؟ ولن تزدادوا مني إلا بعدا، وقال أبو ذر: يكفي من الدعاء مع البر، ما يكفي الطعام من الملح. انتهى.
فإذا تبين هذا، وعلم أن الذنوب جميعها قد تكون سببا في منع إجابة الدعاء، وعلم أخصها بذلك، فإن كل الذنوب تقبل التوبة منها، إذا صدق العبد، وتاب إلى ربه تعالى توبة نصوحا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تاب العبد من ذنوبه المانعة من استجابة دعائه، كان ذلك سببا - بإذن الله - في استجابته - نسأل الله أن يرزقنا وسائر إخواننا توبة نصوحا، ودعاء مستجابا -.
والله أعلم.