الترهيب من التحايل على شروط استحقاق هبات الدولة، وواجب من حازها

0 151

السؤال

نحن من العاصمة العراقية بغداد, وأبي كان ساكنا في محافظة من محافظات العراق قبل زواجه، وعند زواجه، ومنذ ولادتي انتقل للعيش في العاصمة, المهم أنه قام بالقيام بإجراءات معاملة تسمى: "معاملة الهجرة والمهجرين"، وهي خدمة تقدمها الحكومة العراقية لمن تعرضوا لعملية التهجير من بيوتهم وأحيائهم التي يسكنونها, فتقوم الدولة بتعويضهم ماديا بمبلغ من المال، ولنفرض أنه (4000) دولار أمريكي؛ لأني لا أعرف كم المبلغ تحديدا, ونحن لسنا مشمولين في هذا القرار، وهذه المعاملة؛ لأننا لم نتعرض للتهجير، وبقينا في بيتنا، ولم نتعرض - بحمد لله وفضله - لأي أذى, ولكن تم القيام بالاحتيال - إن صح التعبير -وتزوير أوراق لا صحة لها على أننا مهجرون عن طريق معارف في الدوائر المسؤولة، أو غير ذلك من الوسائل، فهل المال الذي سنأخذه سيكون في هذه الحالة مالا حراما أم أنه جائز؟ وأردت أن أرسل هذا الاستفتاء لفضيلتكم، على الرغم من وضوح الموضوع، ولا أرى حاجة كبيرة للسؤال، فالأمر احتيال واضح, ولكن أريد أن أطبع الفتوى وأذهب بها لأبي ليقرأها؛ لعله يتوقف عن هذا العمل، فأجيبوني - بارك الله فيكم، وجزاكم الخير والثواب -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا شك في حرمة ذلك المال المكتسب بتلك الحيلة؛ لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.

وشرط استحقاق تلك المعونة يخص من تم تهجيرهم من بيوتهم فعلا، ولستم كذلك؛ ومن ثم فلا يجوز لأبيك التحايل على شروط استحقاق تلك الهبة الممنوحة من الدولة بالتزوير والشفاعة المحرمة، وقد شدد الشارع النكير على أكلة المال العام بغير حله، ففي البخاري: عن خولة الأنصارية قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.

وليعلم أن أخذ المال العام أشد حرمة من أخذ المال الخاص؛ لأن أخذ الأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.

وعليه؛ فنصيحتنا لأبيك هي أن يتقي الله تعالى في نفسه، ولا يوبقها بأكل الحرام، وليدع تلك المعاملة.

وإن كان قد أتمها وحاز منها مالا: فليرده إلى الجهة المسؤولة - إن أمكن ذلك - وإلا فليصرفه في المصالح العامة للمسلمين - كالمدارس، والمستشفيات، والطرق، ونحوها -.

وإذا علم الله منه صدق التوبة، وصحة الإنابة إليه، فسيعوضه خيرا مما فاته من الحرام، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فقد قال سبحانه : ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق:2-3}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن مردويه، وحسنه الألباني. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة