السؤال
كيف أكفر عن أكلي للمال الحرام؟ فعندما كنت موظفا في الدولة أيام الحصار في العراق كنت آخذ من مال الدولة، وآخذ الرشوة وأصرف على نفسي وعائلتي، فما حكم المال الحرام إذا كان عائدا لشخص معين ـ أي ليس مال دولة ـ وأنا نادم الآن أشد الندم وأتمنى أن أجد طريقا للتوبة وأكفر عن ما أخذته؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت في خوفك من عقاب الله تعالى بسبب تقصيرك في عملك, وأخذك لما لا تستحق من راتبك, فإن هذا منكر لا يجوز، وقد أحسنت في ندمك وحرصك على التحلل مما وقعت فيه من اعتداء على أموال الناس بغير حق، ولا بد من التوبة النصوح الجامعة لشروط قبولها ـ من الندم على ما سلف, والإقلاع عنه خوفا من الله تعالى, وتعظيما له, وطلبا لمرضاته, والعزم الصادق على عدم العودة إليه أبدا, مع التحلل من الحقوق ورد المظالم ولو كانت مالا عاما، فحرمة المال العام كحرمة المال الخاص بل هي أشد كما قال بعض العلماء، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، ففي الصحيحين عن أبي حميد مرفوعا: والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله.
وفي البخاري عن خولة الأنصارية مرفوعا: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
وقد بينا كيفية التحلل من الأخذ من المال العام بغير حق، وذلك في الفتوى رقم: 50478.
وأما المال الحرام العائد إلى شخص معين ففي كيفية التحلل منه تفصيل بيناه في الفتويين رقم: 194447، ورقم: 198589.
وننبهك على أن أكل الحرام عواقبه وخيمة، والمسلم الكيس يتحرى الحلال في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه، فكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، كما في المستدرك وغيره، وفي الحديث أيضا: لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام. رواه البيهقي، وصححه الألباني.
وأكل الحرام من موانع استجابة الدعاء: فقد ذكر صلى الله عليه سلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، ثم قال صلوات الله وسلامه عليه: فأنى يستجاب لذلك. والحديث في الصحيح.
وما كتب للعبد من رزق سيأتيه، فليتق الله وليتجمل في طلبه، يقول صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.
والله أعلم.