ضوابط جواز الأخذ من المساعدات المقدمة للمحتاجين

0 156

السؤال

ما حكم من أخذ المساعدات في سوريا، وهو مديون، ولا يملك المال، ولكن زوجته تعمل وتعطيه ما يحتاجه من المال؟ علما أنه يملك محلا ومنزلا بسعر كبير، وماكينات تطريز، ولا يستطيع بيعها؛ لأنها ستباع بربع ثمنها، وهو لا يعطي أولاده وامرأته أي شيء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يفرج كرب المكروبين في سوريا، وفي كل مكان.

والضابط في إباحة الأخذ من المساعدات في سوريا، أو في غيرها، ليس كون الشخص مديونا أو فقيرا، كما أنه لا يمنع منها كون زوجته تعمل وتعطيه ما يحتاجه من المال، أو أنه يملك محلا، ومنزلا، وماكينات تطريز، وغير ذلك.

وإنما النظر في ذلك إلى الصفة التي أعطي من أجلها هذا المال، فإن كان معطى للجهاد: فإن الشخص المذكور لا يكون من أهله إذا لم يكن من المجاهدين، وإن كان يعطى قوتا لمن لا يجد أي مصدر للعيش: فإنه كذلك لا يعطى منه، طالما أنه مكفي قوت نفسه، وقوت عياله.

وإن كان زكاة: فإنه يحل له الأخذ منه بوصفه مدينا؛ فالمدين تحل له الزكاة إن كان لا يملك ما يسدد به دينه، كما بينا في الفتوى رقم: 18603.

ويحل له أيضا بوصف الفقر؛ فالصحيح من أقوال أهل العلم أن من لم يكن عنده ما تقوم به حاجته، وتحصل به كفايته، فإن حكم الفقر منسحب عليه، ولو كان يملك أموالا، وقد سبق أن ذكرنا حد الغنى الذي يمنع استحقاق الزكاة في الفتوى رقم: 4938، والفتوى رقم: 175357.

والمسكن لا يمنع وصف الفقر؛ جاء في مغني المحتاج ممزوجا بالمنهاج: ولا يمنع الفقر مسكنه) المملوك له. انتهى.

والمحل إن لم يوفر لك كفايته، فلا يمنع وصف الفقر، أو المسكنة؛ قال النووي في المجموع: فرع) إذا كان له عقار ينقص دخله عن كفايته، فهو فقير، أو مسكين، فيعطى من الزكاة تمام كفايته، ولا يكلف بيعه، ذكره أبو العباس الجرجاني في التحرير، والشيخ نصر المقدسي، وآخرون.

قال الحجاوي في الإقناع: والمسكين: من يجد معظم الكفاية، أو نصفها، ومن ملك نقدا، ولو خمسين درهما فأكثر، أو قيمتها من الذهب، أو غيره، ولو كثرت قيمته، لا يقوم بكفايته، ليس بغني، فيأخذ تمام كفايته سنة ... قال أحمد: إذا كان له ضيعة، أو عقار يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تكفيه ـ يأخذ من الزكاة، وقيل له ـ يكون له الزرع القائم، وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم. اهـ

وكون الشخص يأخذ من زوجته، لا يمنع استحقاق الصدقة، فإنها لا تجبر على النفقة، كما في الفتوى رقم: 38210.

ولكنها تثاب على نفقتها - إذا احتسبت - فإن كانت تنفق، وتحتسب، ولا تمن عليه بذلك، فالأحسن ترك هذه المساعدات لمن هو أكثر حاجة.

هذا بخصوص ما تنفقه تلك المرأة على زوجها، وأما ما تنفقه على أولادها حال إعسار زوجها، فهو واجب عليها، كما بينا في الفتوى رقم: 231064، ولذلك يجوز لها أن تحتسب ما تنفقه على زوجها من الزكاة - بشرط أن تنوي قبل إعطائه - بينما لا يجوز أن تنفق على أولادها بنية الزكاة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 214009.

وإن كانت المساعدات صدقات تطوع، لا زكوات، جاز الأخذ منها بالأولى، كما بينا في الفتوى رقم: 26540، لكن بشرط أن لا يكون أصحابها خصصوها لأوصاف لا تنطبق عليه كما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة