حكم من عمل بوظيفة محاسب في شركة نشاطها محرم، وبنى بيتا من راتبه

0 198

السؤال

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين. أعمل في قسم الحسابات في شركة صناعية للبويات، والصناعات الكيماوية في جمهورية مصر العربية، والشركة التي أعمل فيها تتعامل مع موردين يقومون بشراء البنزين، والسولار المدعم من الدولة بطريقة غير شرعية – أي: مواد بترولية مهربة من محطات وقود، أو من حصص شركات أخرى- ويقومون ببيعه على هيئته أحيانا، وأحيانا أخرى بعد تغيير لونه بإضافة مادة مبيضة له، ويبيعونه في السوق السوداء، علما بأنه إذا تم ضبط أي مورد منهم، وبحوزته تلك المواد يحرر له محضر تموين، والشركة التي أعمل فيها تشتري منهم البنزين، أو السولار لاستخدامه كمادة خام في عمل منتجاتها - مذيبات للبويات، وبويات، ودهانات - وبيعها داخل جمهورية مصر العربية، وأحيانا أخرى تقوم الشركة بتصدير البنزين، أو السولار لدول أخرى خارجية، سواء على حالته، أم بعد خلطه بمواد أخرى بنسب معينة، فهل ما أتقاضاه من راتب من الشركة مال حلال أم مال حرام؟ علما أن أعمال الشركة قائمة على ما ذكرته سابقا بنسبة 90%، وتقوم الشركة أيضا بدفع أموال – كرشوة - في الجمارك في حالة التصدير خارج البلاد؛ حتى لا يتم إجراء تحليل سليم على المواد المصدرة، سواء بتغيير العينة، أم بعمل عينة مخالفة للمواد المصدرة مطابقة، وتدفع أيضا أموالا - رشوة - داخل البلاد؛ حتى لا يتم التفتيش داخل الشركة عن وجود مواد بترولية مهربة، أفيدوني؛ لأن هذا الموضوع يقلقني، علما أني أشعر أن ما أتقاضاه من مال حرام، وقد كان والدي مريضا قبل وفاته، وكنت أدعو له بالشفاء، وقد توفي والدي، وأشعر أن الذي كان يحول بيني وبين إجابة الدعاء هو هذا المال، وقد وضعت كل ما قمت بجمعه من مال طيلة الخمس سنوات التي عملت في الشركة في أعمال تجهيز شقة للزواج، فهل أسست بيتي بمال حرام - جزاكم الله خيرا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتغمد والدك برحمته، وأن يجعل صبره على مرضه في ميزان حسناته، وأن يتوب عليك.

فلا يجوز العمل محاسبا في شركة نشاطها قائم على التجارة بالمسروقات، ومقدرات الشعب - من البنزين المدعم خالصا، أو ‏ممزوجا بغيره - لأن بيع الوكيل العام للموردين باطل، كما قال الرحيباني، ومرعي في المطالب على الغاية ممزوجين: (و) إن قال ‏‏[الموكل للوكيل]: (بعه لزيد، فباعه لغيره؛ لم يصح) البيع؛ للمخالفة؛ لأنه قد يقصد نفع زيد، فلا تجوز مخالفته.

وبيع الموردين على الشركة باطل كذلك؛ لأن تصرفات ‏الموردين الغاصبين للبنزين المدعم كالبيع، والهبة باطلة، قال الحجاوي في الإقناع ـ وهو معتمد المذهب ـ: وتصرفات الغاصب الحكمية ـ وهي ما لها حكم من صحة، أو فساد ـ ... تحرم، ولا تصح. فهذا مال مغصوب، والتجارة بالمال المغصوب حرام، وحرمة المال ‏العام أشد من حرمة المال الخاص، وقد عرفت شؤمه، كما قررناه في الفتوى: 161917.  

فإذا حرم نشاط الشركة حرمت وظيفة المحاسب فيها؛ لأن هذه الوظيفة تعد من ‏التعاون على الإثم والعدوان، وراتب هذه الوظيفة يعتبر من المال الحرام؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه،‏ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر للمزيد في عمل المحاسب في الشركات المحرمة الفتوى: ‎45832‎.

‏ فإن كنت قد أسست بيتك من هذا المال: فقد أسسته فعلا من مال حرام، وعليك أن ترد هذا المال في المصالح العامة للمسلمين، أو ‏الفقراء والمساكين، ولو ببيع هذا البيت، فإن كنت فقيرا، ولا بيت لك يؤويك إلا هذا البيت، ولا مال لك يكفيك: فلا بأس أن تأخذ من ‏هذا المال ما يسد فقرك وحاجتك. 

وكذلك يجوز لك الاحتفاظ بهذا المال إن كنت جاهلا بتحريم العمل الذي تقوم به، وهذا قول طائفة من الفقهاء والعلماء، بيناه في فتاوى سابقة فانظرها: ‏202516 ، 32762، 171201، ‏‏178959 ‏.‏

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى