سبب كتابة عائشة (وصلاة العصر) عند قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى

0 177

السؤال

عن أبي يونس مولى عائشة؛ أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}، فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين" قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
عن البراء بن عازب؛ قال: نزلت هذه الآية: {حافظوا على الصلوات وصلاة العصر}، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}، فقال رجل كان جالسا عند شقيق له: هي إذن صلاة العصر، فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم). رواه مسلم. فهل لم يبلغ عائشة النسخ؟ قال البراء: نزلت أولا: "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر" ثم نسخت وجاءت بدل العصر "الوسطى" ولكن عائشة جمعتها جميعا: الوسطى، والعصر، والصلوات، فأرجو التوضيح - جزاكم الله خيرا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

ففي كتابة عائشة - رضي الله عنها - هذه اللفظة في مصحفها وجوه من الاحتمال، فيحتمل أنه لم يبلغها النسخ، ويحتمل أنها أثبتتها على جهة التفسير، لا على أنها قرآن، ويحتمل غير ذلك، قال الزرقاني في شرح الموطأ في الكلام على قول عائشة - رضي الله عنها -: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الباجي: يحتمل أنها سمعتها على أنها قرآن، ثم نسخت - كما في حديث البراء - فلعل عائشة لم تعلم بنسخها، أو اعتقدت أنها مما نسخ حكمه وبقي رسمه، ويحتمل أنه ذكرها صلى الله عليه وسلم على أنها من غير القرآن؛ لتأكيد فضيلتها، فظنتها قرآنا، فأرادت إثباتها في المصحف لذلك، أو أنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن معه، على ما روي عن أبي، وغيره من الصحابة أنهم جوزوا إثبات القنوت، وبعض التفسير في المصحف، وإن لم يعتقدوه قرآنا. اهـ. واحتماله الثاني ليس بظاهر. انتهى كلام الزرقاني.

واستظهر بعض أهل العلم الأخير، وأنها أثبتته في مصحفها، لا على أنه قرآن، قال القاسمي - رحمه الله -: فهذا من عائشة - رضي الله عنها - إعلام بالمراد من (الوسطى) عندها، ضمت التأويل إلى أصل التنزيل؛ لأمن اللبس فيه؛ لأن القرآن متواتر، مأمون أن يزاد فيه أو ينقص، وكان في أول العهد بنسخه ربما ضم بعض الصحابة تفسيرا إليه، أو حرفا يقرؤه؛ ولذا لما خشي عثمان - رضي الله عنه - أن يرتاب في كونه من التنزيل - مع أنه ليس منه - أمر بأن تجرد المصاحف في عهده مما زيد فيها من التأويل، وحروف القراءات التي انفرد بعض الصحب، وأن يقتصر على المتواتر تنزيله، وتلقيه من النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات