حكم التوظف في عمل مباح في شركة قد تعمل عملا محرما

0 176

السؤال

اتصل بي أحد أصدقائي، وأخبرني أنه وجد لي فرصة عمل، وهذا الشخص محترم جدا، وملتزم جدا، فذهبت وقابلت رئيس مجلس إدارة الشركة، والشركة تعمل في مجال الاتصالات، والإلكترونيات، وهي شركة كبيرة، وهذه الشركة أخذت توكيلا من شركة أمريكية كبيرة في مجال الإلكترونيات، واقتنع الرجل بقدرتي على العمل، وحدد لي مرتبا كبيرا، وكل زملائي والناس الذين ذهبت عن طريقهم قالوا لي: إنها فرصة لا تعوض، وتكسبني خبرة كبيرة جدا في أول حياتي العملية، بالإضافة إلى المرتب الكبير، أي أن هذه الفرصة نادرة، وأكثر ما أكرهه أني دائما أشك في الشركات، وأحس أن الشركة لو عملت شيئا خاطئا فسأكون مشاركا فيه، ومسؤولا عنه، وسيكون عملي حراما، والأغلبية - بل كل الشركات تقريبا – هكذا، وبهذا لن أجد عملا في أي مكان، وعندما تكلمت مع صاحب الشركة قال لي: إن الشركة أخذت توكيلا من الشركة الأمريكية، وتبيع في مصر، وأخبرني أنهم أحيانا يصدرون لإحدى الدول العربية، لكن لا يحق لنا التصدير إليها، فسألته عن السبب، فقال لي: الشركة الأمريكية لا تمانع من ذلك، ولكن لا بد أن يكون عندنا مكتب هناك، ولم نعمل إلى الآن مكتبا هناك، وفي وقت لاحق سنعمله - إن شاء الله – فماذا أعمل؟ فأنا خائف أن أعمل هناك، ويكون عملي حراما، وأنا سأعمل محاسبا في الشركة، وعندما كلمت زميلي الذي دلني على العمل أخبرته بذلك، فقال لي: لا شيء فيها، وأنت ستضيع الفرصة، وتتبطر على النعمة، وهذه فرصة لن تعوض لشخص في نفس ظروفك الخاصة، التي تعطلت فيها عن العمل لفترة بسبب بعض الظروف، فبم أجيب صديقي لو كان العمل غير مناسب، وأخبرني المدير الذي سأعمل معه، أني سأبدأ العمل بعد غد، فماذا أعمل؟ هل أعمل ولا شيء في العمل؟ أم أعمل وأخرج مالا من أجل أن أطهر مالي؟ أم أترك العمل لأنه محرم؟ وقد تركت عمل البنوك لأن فيه شبهة، وأصبحت أشعر أن جميع الوظائف هكذا، ولا أحب أن أجمع مالي من غير الحلال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإذا كان نشاط الشركة مباحا، ومجال عملك فيها مشروعا - ولو كنت محاسبا أو غيره -: فلا حرج عليك فيه، وفيما ستتقاضاه عنه من أجر.

وكون الشركة قد تعمل أمرا محرما: فلا يلحقك إثم بسبب ذلك، ما لم تباشره أنت، أو تعن عليه، وانظر الفتوى رقم: 109476.

وعلى كل: فالظاهر أنك موسوس، وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة، هل له دواء؟

فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها، فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله؛ لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال، والحيرة، ونكد العيش، وظلمة النفس، وضجرها؛ إلى أن يخرجه من الإسلام، وهو لا يشعر: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا" ـ وذكر العز بن عبد السلام، وغيره نحو ما قدمته فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأنه يقاتله، فيكون له ثواب المجاهد؛ لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى