السؤال
اتصل بي أحد أصدقائي، وأخبرني أنه وجد لي فرصة عمل، وهذا الشخص محترم جدا، وملتزم جدا، فذهبت وقابلت رئيس مجلس إدارة الشركة، والشركة تعمل في مجال الاتصالات، والإلكترونيات، وهي شركة كبيرة، وهذه الشركة أخذت توكيلا من شركة أمريكية كبيرة في مجال الإلكترونيات، واقتنع الرجل بقدرتي على العمل، وحدد لي مرتبا كبيرا، وكل زملائي والناس الذين ذهبت عن طريقهم قالوا لي: إنها فرصة لا تعوض، وتكسبني خبرة كبيرة جدا في أول حياتي العملية، بالإضافة إلى المرتب الكبير، أي أن هذه الفرصة نادرة، وأكثر ما أكرهه أني دائما أشك في الشركات، وأحس أن الشركة لو عملت شيئا خاطئا فسأكون مشاركا فيه، ومسؤولا عنه، وسيكون عملي حراما، والأغلبية - بل كل الشركات تقريبا – هكذا، وبهذا لن أجد عملا في أي مكان، وعندما تكلمت مع صاحب الشركة قال لي: إن الشركة أخذت توكيلا من الشركة الأمريكية، وتبيع في مصر، وأخبرني أنهم أحيانا يصدرون لإحدى الدول العربية، لكن لا يحق لنا التصدير إليها، فسألته عن السبب، فقال لي: الشركة الأمريكية لا تمانع من ذلك، ولكن لا بد أن يكون عندنا مكتب هناك، ولم نعمل إلى الآن مكتبا هناك، وفي وقت لاحق سنعمله - إن شاء الله – فماذا أعمل؟ فأنا خائف أن أعمل هناك، ويكون عملي حراما، وأنا سأعمل محاسبا في الشركة، وعندما كلمت زميلي الذي دلني على العمل أخبرته بذلك، فقال لي: لا شيء فيها، وأنت ستضيع الفرصة، وتتبطر على النعمة، وهذه فرصة لن تعوض لشخص في نفس ظروفك الخاصة، التي تعطلت فيها عن العمل لفترة بسبب بعض الظروف، فبم أجيب صديقي لو كان العمل غير مناسب، وأخبرني المدير الذي سأعمل معه، أني سأبدأ العمل بعد غد، فماذا أعمل؟ هل أعمل ولا شيء في العمل؟ أم أعمل وأخرج مالا من أجل أن أطهر مالي؟ أم أترك العمل لأنه محرم؟ وقد تركت عمل البنوك لأن فيه شبهة، وأصبحت أشعر أن جميع الوظائف هكذا، ولا أحب أن أجمع مالي من غير الحلال.