التفصيل في أحكام النظر

0 196

السؤال

ما هي النظرة المحرمة؟ وهل يجوز للمرأة أن تدقق في امرأة أخرى؟ وإذا كان حراما، فهل يجوز لي عندما أرى صورة فتاة قصت شعرها قصة جميلة أن أدقق فيه لأقص مثله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالنظرة المحرمة قد تكون باعتبار المنظور إليه تارة، وباعتبار كون النظرة بشهوة، أو خوف فتنة تارة أخرى، ونجمل الكلام في ذلك ملخصا من الموسوعة الفقهية؛ وذلك لتشعب المسألة، ولما يشتمل عليه السؤال من غموض وإجمال.
أولا: نظر الرجل إلى المرأة: يختلف حكم نظر الرجل إلى المرأة باختلاف حال كل منهما، وبيان ذلك فيما يأتي:

أ‌) نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية الشابة: اتفق الفقهاء على أنه يحرم نظر الرجل إلى عورة المرأة الأجنبية الشابة.
واستدلوا على ذلك بأدلة منها قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة: فزنا العين النظر".
ب‌) لا خلاف بين الفقهاء أنه يحرم النظر بغير عذر إلى العجوز بقصد اللذة، أو مع وجدانها، وإنما اختلفوا في حكم النظر إليها من غير شهوة، ولا قصد التلذذ على قولين:
القول الأول: يجوز النظر إلى وجهها وكفيها، إذا كانت لا تشتهى، وغير متبرجة بزينة، وهذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة ...

القول الثاني: أنه لا فرق بين الأجنبية الشابة، والعجوز في حكم النظر إليهما، فيحرم كله، ولا يجوز النظر إلى شيء من بدن العجوز، وإن لم تكن تشتهى، وهذا القول هو الأرجح، والمعتمد عند الشافعية؛ لعموم الأدلة المانعة من النظر إلى المرأة الأجنبية، ولأن الشهوة لا تنضبط بضابط.

ت‌) اتفق الفقهاء على أن النظر إلى الصغيرة بشهوة حرام، مهما كان عمرها، ومهما كان العضو المنظور إليه منها، واتفقوا أيضا على أنه يجوز للرجل أن ينظر بغير شهوة إلى جميع بدن الصغيرة التي لم تبلغ حد الشهوة سوى الفرج منها.

ث‌) اتفق الفقهاء على أنه يحرم على الرجل النظر إلى ذوات محارمه، إذا كان ذلك بشهوة.

واتفقوا أيضا على أنه يحرم عليه النظر من ذوات المحارم إلى ما بين السرة والركبة، سواء أكان ذلك بشهوة، أم بغيرها، وعلى أنه يباح له النظر بغير شهوة إلى مواضع الزينة منهن.

ثانيا: نظر الرجل إلى الرجل:

أ‌) اتفق الفقهاء على أنه يحرم نظر الرجل إلى الرجل بشهوة، أو بقصد التلذذ، كما اتفقوا على أنه يحرم على الرجل أن ينظر من الرجل إلى عورته بغير عذر شرعي، ولو بغير شهوة، ويحل له النظر إلى ما سواها؛ لما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد".

ب‌) نظر الرجل إلى وجه الأمرد: اتفق الفقهاء على تحريم النظر إلى الأمرد عن شهوة، أو بقصد التلذذ، والتمتع بمحاسنه، ولا فرق بين الأمرد الصبيح وغيره، بل نص الحنفية، والشافعية على أن النظر إلى الأمرد بشهوة أشد إثما من النظر إلى المرأة بشهوة؛ لأنه لا يحل بحال.

ثالثا: نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي: ذهب الحنفية في الصحيح، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن نظر المرأة إلى أي عضو من أعضاء الرجل الأجنبي يكون حراما إذا قصدت به التلذذ، أو علمت، أو غلب على ظنها وقوع الشهوة، أو شكت في ذلك، بأن كان احتمال حدوث الشهوة، وعدم حدوثها متساويين؛ لأن النظر بشهوة إلى من لا يحل بزوجية، أو ملك يمين نوع زنا، وهو حرام عند جميع الفقهاء.

رابعا: نظر الخنثى: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخنثى يعامل في نظره إلى غيره، وفي نظر غيره إليه بالأحوط، فيعتبر مع النساء رجلا، أو مراهقا، ويعتبر مع الرجال امرأة، أو مراهقة، وهذا هو مذهب الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، ومستندهم وجوب الأخذ بالأحوط عند اجتماع سبب الحظر، وسبب الإباحة، وهما موجودان في الخنثى المشكل؛ لتساوي احتمال كونه ذكرا، مع احتمال كونه أنثى. انتهى ملخصا من الموسوعة الفقهية.

خامسا: نظر المرأة إلى المرأة: يحل للمرأة المسلمة أن تنظر من المرأة إلى ما يحل للرجل أن ينظر إليه من الرجل، فيحل لها أن تنظر من المرأة إلى جميع بدنها، ما عدا ما بين السرة والركبة، إلا إذا كان نظرها إليها بشهوة حرم، قال الشربيني في مغني المحتاج: (والمرأة) البالغة حكمها (مع امرأة) مثلها في النظر (كرجل) أي: كنظر رجل (ورجل) فيما سبق، فيجوز مع الأمن، ما عدا ما بين السرة والركبة, ويحرم مع الشهوة، وخوف الفتنة. انتهى.

وعلم مما سبق أن تدقيق المرأة النظر إلى امرأة أخرى يجوز، إلا إذا أدى هذا التدقيق إلى شهوة، أو فتنة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون النظر لأجل معرفة قصة شعر امرأة، أو غيرها من الأغراض المباحة.

وننبهك أن التشبه بالكافرات، أو الفاسقات في قص الشعر منهي عنه، وراجعي في مقياس التشبه بتسريحات الكافرات المنهي عنه الفتوى رقم: 204226.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 26644، 93857، 105942.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة