السؤال
شخص زنى بامرأة متزوجة، وعندما زنى بها كانت مهجورة من زوجها، وبعد طلاقها من زوجها، وانتهاء عدتها، أراد الشخص الذي زنى بها أن يتزوجها، فما حكم زواجه منها؟
شخص زنى بامرأة متزوجة، وعندما زنى بها كانت مهجورة من زوجها، وبعد طلاقها من زوجها، وانتهاء عدتها، أراد الشخص الذي زنى بها أن يتزوجها، فما حكم زواجه منها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا جواز زواج الزانيين التائبين بعد انقضاء العدتين: عدة الزنا، وعدة الطلاق، على المختار من أقوال الفقهاء، وللوقوف على تقرير اشتراط التوبة لصحة زواج الزانيين ـ وهو مذهب الحنابلة خلافا للجمهور ـ انظر الفتويين: 38866، 1591.
هذا إذا تمت أركان النكاح المبينة في الفتوى: 18153، والفتوى: 1766، قال الموفق في المغني: فصل: وإذا زنت المرأة، لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين؛ أحدهما: انقضاء عدتها ... والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا. اهـ.
يبقى علينا أن نبين للسائل ثلاثة أمور مهمة في ضبط عدة الزانية:
الأول في قدرها:
القول الأحوط في عدة الزانية أنها كعدة المطلقة، وهو معتمد المالكية، والحنابلة، خلافا لقول لهما بأن الاستبراء يحصل بحيضة.
وللشافعية، والحنفية بأنه لا عدة لها أصلا، كما فصلته الموسوعة الفقهية الكويتية، وفيها: القول الثاني: وهو المعتمد لدى المالكية، والحنابلة في المذهب، وهو ما ذهب إليه الحسن، والنخعي: أن المزني بها تعتد عدة المطلقة؛ لأنه وطء يقتضي شغل الرحم، فوجبت العدة منه، ولأنها حرة فوجب استبراؤها بعدة كاملة، قياسا على الموطوءة بشبهة. ونقلناه عن الموفق في المغني في الفتوى: 186231.
وعدة المطلقة تنقضي بثلاث حيضات إن كانت المرأة ممن تحيض، وبوضع الحمل من الحامل، وبانقضاء ثلاثة أشهر إن كانت المرأة صغيرة لم تحض، أو كبيرة يئست من الحيض، وللمزيد في عدة المطلقة تنظر الفتوى رقم: 1614.
الثاني في بدئها:
فإن وطئها الزاني مرة: فعدة الزانية تبدأ بعده مباشرة.
وإن تعدد الوطء: فالعبرة بآخر وطأة؛ لأن عدد الزانية متداخلة، قال الرحيباني في المطالب على الغاية ممزوجين: و(لا) تتعدد العدة بتعدد واطئ (بزنا) فإن العدة لا تتعدد في الأصح؛ لعدم لحوق النسب فيه، فيبقى القصد العلم ببراءة الرحم، وتكون أول عدة الزانية من آخر وطء) فإذا لم تتعدد بتعدد الواطئ فبتعدد الوطء أولى.
الثالثة في تداخلها بعدة الطلاق:
فإن وقع الطلاق بعد انقضاء عدة الزانية: فالأمر واضح؛ تعتد عدة الطلاق، ثم يحل نكاحها.
أما إن وقع الطلاق في أثناء عدة الزانية: فتعتد عدة الطلاق، ثم تتم بعد انتهائها ما بقي لها من عدة الزنا. قال الشيخ منصور في شرح المنتهى: ((ومن وطئت زوجته بشبهة) أو زنا (ثم طلقها اعتدت له) أي: الطلاق إن كان دخل بها; لأنها عدة مستحقة بالزوجية، فقدمت على غيرها؛ لقوتها (ثم تتمم) العدة (للشبهة) أو للزنا; لأنها عدة مستحقة عليها، فلا تبطل بتقديم الأخرى عليها، كالدينين إذا قدم صاحب الرهن في أحدهما).
وحتى لا يبقى في نفس السائل شبهة نذكره: بأن الزنا بالمتزوجة لا يوجب تأبيد حرمة زواج الزانيين، كما بيناه في الفتوى رقم: 150131، كما أنه لا يفسخ نكاحها من بعلها عند جماهير العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 62741، ولكنه من أعظم الكبائر، وأخطر الفواحش، فانظر لبيان عظيم خطره الفتويين: 38577 ،72840.
والله أعلم.