السؤال
ما حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم؟ وماذا يترتب على من تركها بسبب انتقاض الوضوء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع لكل من طاف بالبيت أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام؛ لفعله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله: فلما فرغ من طوافه، جاء إلى خلف المقام فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] [البقرة 125] ، فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، قرأ فيهما بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص. وقراءته الآية المذكورة بيان منه لتفسير القرآن، ومراد الله منه بفعله - صلى الله عليه وسلم. انتهى.
واختلف العلماء هل هاتان الركعتان واجبتان أو مستحبتان؟
قال الشوكاني: وقد اختلف في وجوب هاتين الركعتين، فذهب أبو حنيفة، وهو مروي عن الشافعي في أحد قوليه: إلى أنهما واجبتان .... وقال مالك، والشافعي في أحد قوليه والناصر: إنهما سنة؛ لما تقدم في الصلاة من حديث ضمام بن ثعلبة لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أخبره بالصلوات الخمس: هل علي غيرها؟ قال: لا؛ إلا أن تطوع. انتهى.
والراجح قول الجمهور وهو أن هاتين الركعتين مستحبتان، فمن تركهما فلا شيء عليه، ثم إن من انتقض وضوؤه بعد الطواف، فإن أراد أن يأتي بالسنة، فليتوضأ، وليصل خلف المقام، ويحصل أصل السنة بأداء هاتين الركعتين بعد الطواف في أي مكان.
قال الشيرازي رحمه الله: والمستحب أن يصليهما عند المقام؛ لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين) فإن صلاهما في مكان آخر جاز؛ لما روي (أن عمر- رضي الله عنه- طاف بعد الصبح ولم ير أن الشمس قد طلعت، فركب، فلما أتى ذا طوى أناخ راحلته، وصلى ركعتين) وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يطوف بالبيت، ويصلي ركعتين في البيت. انتهى.
وقال ابن قدامة: وحيث ركعهما، ومهما قرأ فيهما، جاز؛ فإن عمر ركعهما بذي طوى. وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة: إذا أقيمت صلاة الصبح، فطوفي على بعيرك والناس يصلون. ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت . انتهى.
وبه يتبين أن الصلاة خلف المقام سنة لكل من طاف بالبيت، وأنه لا يشترط الموالاة بينهما وبين الطواف، وأن أصل السنة يحصل بفعل ركعتي الطواف في أي مكان.
والله أعلم.