وعيد شارب الخمر محمول على المبالغة في الزجر

0 375

السؤال

كنت أشرب الخمر -غفر الله لي، ولكم- في المناسبات، وعلى فترات متباعدة جدا، وبعد آخر مرة شربتها، علمت لأول مرة عن موضوع الأربع مرات، وأنه لا تقبل مني صلاة أبدا، فهل هذا صحيح؟ وإن كانت لا تقبل صلاتي لمدة أربعين يوما، فهل أصلي خلال هذه الفترة؟ وبعد أن علمت ذلك، شربتها مرة واحدة، فهل أنا خارج عن الملة، أم إنها ستحسب لي المرة الثانية؟ فأنا نويت التوبة الصادقة -بإذن الله-، حتى لو أخبرتموني أنه لن تقبل لي صلاة، أفيدوني -جزاكم الله خيرا-، فلي صديق سوء، ولا يصدق حديث المرات الأربع، ولا أعرف كيف أواجهه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشرب الخمر من الكبائر، التي يجب على المسلم اجتنابها، والتنزه عنها؛ لقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون [المائدة:90]، وقوله: فاجتنبوه، أي: اتركوه، وارفضوه هو، وكل ما يتوصل به إليه.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. قيل: يا أبا عبد الرحمن، وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.

فالحديث صحيح، لا شك في ذلك.. لكن معناه -كما قال صاحب تحفة الأحوذي شرح الترمذي-: لم يكن له ثواب، وإن برئ الذمة، وسقط القضاء بأداء أركانه مع شرائطه، كذا قالوا، وقال النووي: إن لكل طاعة اعتبارين: أحدهما: سقوط القضاء عن المؤدي، وثانيهما: ترتيب حصول الثواب، فعبر عن عدم ترتيب الثواب بعدم قبول الصلاة. انتهى

وقوله: فإن عاد الرابعة: أي: رجع الرجعة الرابعة.

فإن تاب لم يتب الله عليه: هذا مبالغة في الوعيد، والزجر الشديد، وإلا فقد ورد: (ما أصر من استغفر...)، فظهر أن الحديث محمول على المبالغة في التنفير من شرب الخمر، وإلا فكل من ارتكب ذنبا، ثم تاب منه، تاب الله عليه، كما قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم [الزمر:53].
وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب: أن رجلا كان يدعى حمارا، وكان يكثر شرب الخمر، وكان كلما أتي به إلى النبي صلى الله عليه و سلم، ضربه. فقال رجل: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله.

فدل الحديث على أن إدمان شرب الخمر، لا يحبط عمله، ولا إيمانه، وفي الحديث: من مات من أمتك، لا يشرك بالله شيئا، دخل الجنة، وإن زنى، وسرق. رواه مسلم.

وخلاصة الجواب: أننا نقول للأخ: إن شربك للخمر كبيرة عظيمة، يجب عليك أن تتوب منها توبة نصوحا، ومع شربك لها، فإنك لا تزال مسلما، ما دمت لم تستحله، ولا تسقط عنك الصلاة بحال، لا في الأربعين يوما، ولا في غيرها من الأيام، فاتق الله، ودع ما أنت فيه قبل أن يدهمك الموت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة