السؤال
هل يجوز ضرب الزوجة وسبها ردا على إساءتها عليه بالسب؟ وهل في هذه الحالة عند نفور كل منهما من الآخر وإيذاء كل منهما للآخر يحق للمرأة طلب الطلاق؟.
هل يجوز ضرب الزوجة وسبها ردا على إساءتها عليه بالسب؟ وهل في هذه الحالة عند نفور كل منهما من الآخر وإيذاء كل منهما للآخر يحق للمرأة طلب الطلاق؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضرب الزوجة بغير حق حرام ومن كبائر الذنوب, جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا. انتهى.
ويجوز للرجل أن يضرب زوجته إذا سبته وشتمته، قال في غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر: قال الولوالجي في فتاواه: للزوج أن يضرب زوجته على أربعة أشياء، وما في معناها، ففي قوله: وما في معناها ـ إفادة عدم الحصر، فما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ولم تتعظ بوعظه، فله ضربها، كذا في القنية، وينبغي أن يلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه، لأن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى، ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه أو أخذت لحيته أو قالت له: يا حمار، يا أبله، يا بغلة، أو لعنته. انتهى.
ويجب للزوج أن يراعي في ضربها شروطا:
أـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديدا، بل يكون على وجه التأديب والتأنيب ضربا غير ذي إذاية شديدة.
ب ـ أن لا يضربها على وجهها.
ج ـ أن يستصحب أثناء هذا، أن القصد إصلاح الزوجة، لا أن يكون قصده الثأر والانتقام.
د ـ أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
وأما سبها: فالأصل أن المسلم يحرم سبه وإهانته، بل هو من كبائر الذنوب التي توجب الفسق لصاحبها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
فلا يجوز للمرأة أن تشتم زوجها، ولا للزوج أن يشتم زوجته إلا على سبيل القصاص، فلا حرج في أن يرد من شتمه أحد بمثل ما شتم به ويكون الإثم على البادئ؛ إلا أن يعتدي المشتوم فيشتم بأكثر مما شتم به، فيكون آثما أيضا، قال الله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم {البقرة:194}.
وإن كان العفو أفضل؛ لقوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل { الشورى:40ـ41}.
قال الإمام ابن تيمية: فإن كان الشخصان قد اختصما نظر أمرهما، فإن تبين ظلم أحدهما كان المظلوم بالخيار بين الاستيفاء والعفو، والعفو أفضل، فإن كان ظلمه بضرب أو لطم فله أن يضربه أو يلطمه كما فعل به عند جماهير السلف وكثير من الأئمة وبذلك جاءت السنة، وقد قيل: إنه يؤدب ولا قصاص في ذلك، وإن كان قد سبه فله أن يسبه مثل ما سبه إذا لم يكن فيه عدوان على حق محض لله أو على غير الظالم، فإذا لعنه أو سماه باسم كلب ونحوه فله أن يقول له مثل ذلك، فإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأنه لم يظلمه، وإن افترى عليه كذبا لم يكن له أن يفتري عليه كذبا، لأن الكذب حرام لحق الله، كما قال كثير من العلماء في القصاص في البدن: أنه إذا جرحه أو خنقه أو ضربه ونحو ذلك يفعل به كما فعل، فهذا أصح قولي العلماء إلا أن يكون الفعل محرما لحق الله كفعل الفاحشة أو تجريعه الخمر، فقد نهى عن مثل هذا أكثرهم، وإن كان بعضهم سوغه بنظير ذلك. اهـ.
وليس للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا لمسوغ شرعي، فقد ورد الوعيد الشديد لمن تطلب الطلاق لغير مسوغ، قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد.
فيجوز للزوجة أن تطلب الطلاق إذا كانت تتضرر بالبقاء مع زوجها سواء بالضرب أو السب أو الهجر لها بلا مسوغ شرعي، قال الدردير في الشرح الكبير: ولها ـ أي للزوجة ـ التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 116133، ففيها ذكر الأحوال التي يباح للمرأة طلب الطلاق.
وراجعي للفائدة أيضا الفتوى رقم: 169775.
والله أعلم.