حكم توقف المسلم عن العمل في جمعية خيرية مع الحاجة إليه

0 136

السؤال

كنت رئيسا لجمعية تنموية، وبعد أربع سنوات من العمل التطوعي قدمت استقالتي إلا أن غالبية الناس طلبوا مني بشدة وإلحاح الاستمرار لعدم وجود الخلف، فامتنعت لأنني أعلم أنه عمل مكلف وشاق، فهل ارتكبت إثما هنا؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوجود مثل هذه الجمعية وإن كان من أعمال البر إلا إنه ليس بواجب شرعا من حيث الأصل، ولكنه مندوب، ويتأكد ذلك بحسب ما تقوم به من مصالح المسلمين، وقد يصل الأمر إلى الوجوب إن كانت هذه الجمعية تقوم بشيء من فروض الكفايات التي قصر المسلمون في القيام بها، والتي من جملتها إغاثة الملهوف، وإطعام المضطر وكسوته، ونحو ذلك، وإيجاد الصناعات والحرف التي يحتاج الناس إليها، قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: اعلم أن المصالح ضربان: أحدهما ما يثاب على فعله لعظم المصلحة في فعله، ويعاقب على تركه لعظم المفسدة في تركه، وهو ضربان، أحدهما: فرض على الكفاية كتعلم الأحكام الشرعية الزائدة على ما يتعين تعلمه على المكلفين إلى نيل رتبة الفتيا، وكجهاد الطلب وجهاد الدفع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإطعام المضطرين، وكسوة العارين وإغاثة المستغيثين، والفتاوى والأحكام بين ذوي الاختصام، والإمامة العظمى والشهادات، وتجهيز الأموات، وإعانة الأئمة والحكام وحفظ القرآن ... اهـ.

وقال أيضا: التكليف تارة يسقط بالامتثال، وتارة يسقط بتعذر الامتثال، فإذا خاض في فرض الكفاية من يستقل به ثم لحقه آخرون قبل تحصيل مصلحته، كان ما فعلوه فرضا وإن حصلت الكفاية بغيرهم، لأن مصلحته لم تحصل بعد، ولذلك أمثلة: أحدها:... أن يقوم بغسل الميت أو تكفينه أو الصلاة عليه أو حمله أو دفنه من تحصل به الكفاية، ثم يلحقهم من يشاركهم في ذلك، فيكون له أجر فرض الكفاية على قدر عمله. اهـ.

والمقصود أن ترك السائل لرئاسة هذه الجمعية لا حرج فيه من حيث المبدأ، ولكن إن كان نشاط الجمعية يحتاج إليه المسلمون، وليس في القوم من يحصل هذا الغرض إلا السائل فقد يجب عليه ذلك بحسب استطاعته، وأما وصف السائل لهذا العمل بأنه مكلف وشاق، فهذا لابد من مراعاته، ولكن مع اعتبار قدرته وكفايته وكفاءته وإمكانية تخفيف ذلك عنه بإيجاد من يعينه ويتحمل معه جزءا من المسئولية، ثم نذكر السائل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم. قال المنذري في الترغيب: رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط، ولو قيل بتحسين سنده لكان ممكنا ـ وحسنه الألباني.

وبقوله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرم فقد عرض تلك النعمة للزوال. قال المنذري: رواه الطبراني بإسناد جيد ـ وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى