السؤال
الإخوة الكرام، القائمون على هذا المشروع الرائع: أعمل في شركة تبيع خدمات معينة، ووظيفتي في قسم المبيعات، ووظيفتي هي استقبال العملاء، وعرض الأسعار عليهم، وكل هذا يتم أونلاين على شبكة الإنترنت، وأسعار الشركة غالية جدا، وفي نظري أن هذه الأسعار مقصود بها طبقة معينة، لكن الحقيقة – إخواني - أنه يمكن أن يحصل بعض العملاء على أسعار أقل، وأنا أستطيع توفيرها؛ لأنه في أحيان كثيرة يدخل بعض العملاء عندي في القسم، ويسمع الأسعار، ويهرب منها، هذا باختصار، فهل يجوز لي أخذ إيميلات، أو أرقام هواتف هؤلاء الأشخاص الهاربين، الذي يبحثون عن خدمات بسعر أقل، وأتصل بهم، وأوفر لهم الأسعار، طبعا خارج نطاق الشركة؟ وهل هذا يخالف الأمانة؟ علما أن بيانات كل الأشخاص تظهر أمامي بمجرد تسجيلهم في القسم من إيميل، وعنوان، ورقم جوال، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن قاعدة بيانات عملاء، وزوار موقع الشركة، من الأمور الخاصة بها, التي لولا مكانك منها ما اطلعت عليها، وهذه البيانات لم تحصل عليها الشركة إلا من خلال ما أنفقته من مبالغ للدعاية، والإعلان، والقسم الذي تعمل فيه - قسم المبيعات -.
ومن ناحية أخرى: فإن هذه البيانات قد يفوت وصولها لخارج الشركة، بعض المصالح الخاصة بها، من الترويج، والدعاية لمنتج جديد، أو لأسعار منافسة، إما موسمية، أو تنزيلات ... ولذلك نجد الشركات الحديثة تتواصل شبكيا مع عملائها، وزوار مواقعها في حالات العروض الجديدة، والأسعار المخفضة، من خلال قاعدة بياناتهم عندها.
فإذا تقرر ذلك، فاعلم أن الأصل في ضابط الأمانة هو عرف التجار، والشركات، والأجراء؛ لأن ما لا حد له شرعا ولغة، يرجع فيه إلى عرف أهله فيه، فما رأوه مخلا بالأمانة، لا يحل فعله للموظفين.
وليس من الأمانة ـ فيما نرى ـ في عرف التجارة التنافسية بين الشركات، أن تستغل قاعدة بيانات عملاء الشركة، أو زوارها لغير صالح الشركة.
والأجير الخاص مؤتمن على عمله في شركته، وبيانات عملائها; وإنما أعطيت أجرتك لتروج منتج شركتك، فكان الأولى بك أن تحسن تسويقه وعرضه للزوار والعملاء، وتظهر محاسنه بحق وصدق، لا أن تستغل معرفتك بعناوينهم وأرقامهم، لتروج لشركات منافسة خارج العمل، فإنك لا ترضى ذلك من مندوبك، لو كنت أنت المدير؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. رواه مسلم.
وهذا أصل عظيم في التعامل مع الناس، أن تعاملهم كما تحب أن يعاملوك لو كنت مكانهم.
وما تراه غلاء في أسعار منتجات شركتك، وأن المقصود به شريحة خاصة، لا يسوغ لك هذا المسلك؛ لأن الناس مسلطون على أموالهم، وكل تاجر أدرى بما يناسب سعر منتجاته، ولم يحد الشارع للربح حدا لا يحل تجاوزه، كما بيناه في الفتوى رقم: 5393.
والله أعلم.