حكم الاقتصار على بعض ألفاظ التشهد وقراءته بغير ترتيب

0 222

السؤال

قال الشافعي: ولو لم يزد رجل في التشهد على أن يقول: التحيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وصلى على رسول الله. كرهت له ذلك، ولم أر عليه إعادة؛ لأنه قد جاء باسم تشهد، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عباد الله.
فهل يجوز أن يكون تشهدي: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، اللهم صل على محمد، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. استنادا إلى هذه الفتوى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد اختلف العلماء في حكم ترتيب ألفاظ التشهد، والزيادة عليها أو النقصان منها على النحو التالي:
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية إلى أنه يكره تحريما أن يزيد في التشهد حرفا, أو يبتدئ بحرف قبل حرف. قال أبو حنيفة: ولو نقص من تشهده، أو زاد فيه، كان مكروها; لأن أذكار الصلاة محصورة, فلا يزاد عليها. ثم أضاف ابن عابدين قائلا: والكراهة عند الإطلاق للتحريم.

ويكره كذلك عند المالكية الزيادة على التشهد, واختلفوا في ترك بعض التشهد, فالظاهر من كلام بعض شيوخهم عدم حصول السنة ببعض التشهد, خلافا لابن ناجي في كفاية بعضه, قياسا على السورة.

وأما الشافعية فقد فصلوا الكلام, وقالوا: إن لفظ المباركات والصلوات, والطيبات، والزاكيات سنة ليس بشرط في التشهد, فلو حذف كلها واقتصر على الباقي، أجزأه من غير خلاف عندهم.

وأما لفظ: السلام عليك . . . إلخ فواجب لا يجوز حذف شيء منه, إلا لفظ ورحمة الله وبركاته. وفي هذين اللفظين ثلاثة أوجه: أصحها عدم جواز حذفهما. والثاني: جواز حذفهما. والثالث: يجوز حذف وبركاته, دون رحمة الله. وكذلك الترتيب بين ألفاظها مستحب عندهم على الصحيح من المذهب, فلو قدم بعضه على بعض جاز, وفي وجه لا يجوز كألفاظ الفاتحة. والحنابلة يرون أنه إذا أسقط لفظة هي ساقطة في بعض التشهدات المروية، صح تشهده في الأصح. وفي رواية أخرى: لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة, لقول الأسود: فكنا نتحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نتحفظ حروف القرآن. اهـ.

 وبخصوص مذهب الشافعية في ترتيب ألفاظ التشهد يقول النووي في المجموع: وينبغي أن يأتي بالتشهد مرتبا، فإن ترك ترتيبه، نظر إن غيره تغييرا مبطلا للمعنى، لم تصح صلاته, وتبطل صلاته إن تعمده; لأنه كلام أجنبي, وإن لم يغير فطريقان: المذهب: صحته, وهو المنصوص في الأم، وبه قطع العراقيون، وجماعة من الخراسانيين.

( والثاني ) في صحته وجهان. وقيل: قولان . حكاه الخراسانيون، وصاحب الحاوي، وقطع القاضي حسين، والمتولي بأنه لا يصح، والصحيح الأول. وقد روى مالك في الموطأ والبيهقي بإسناد صحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول في التشهد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

 وفي الغرر البهية شرح البهجة الوردية في كلامه عن التشهد: فلا يجب ترتيبه؛ لأنه غير معجز، بخلاف الفاتحة.

ويقول ابن قدامة الحنبلي في المغني: السنة ترتيب التشهد, وتقديمه على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فإن لم يفعل, وأتى به منكسا من غير تغيير شيء من معانيه, ولا إخلال بشيء من الواجب فيه, ففيه وجهان: أحدهما يجزئه. ذكره القاضي. وهو مذهب الشافعي; لأن المقصود المعنى, وقد حصل, فصح كما لو رتبه. والثاني لا يصح; لأنه أخل بالترتيب في ذكر ورد الشرع به مرتبا, فلم يصح كالأذان.
 وعلى هذا فننصحك بألا تفعل ما ذكرت في صلاتك؛ اتباعا للسنة المشهورة، وخروجا من الخلاف، ولعدم الحاجة إلى ذلك، ثم إن الإمام الشافعي مع إجازته لذلك، فقد كرهه.
وينبغي على طالب العلم أن يفرق بين جانب البحث العلمي النظري، وبين الجانب العملي التطبيقي، فينبغي أن يحرص في سلوكه على اتباع الأحوط الأفضل، والأقرب إلى السنة.
وانظر للفائدة الفتويين التاليتين: 184251 ،  8103.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة