هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول مشروعة؟

0 224

السؤال

في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول: روى أبو عوانة، وصححه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على نفسه في التشهد الأول، ورأيت فتوى للشيخ ابن باز بمشروعية ذلك، وأنه الأولى، وقرأت فتاوى عندكم بأنه ليس ركنا، ولا واجبا، ولا حتى مستحبا، فاختلط علي الأمر - بارك الله فيكم - أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صلوا كما رأيتموني أصلي" - والأمر يقتضي الوجوب - وقد صح عنه أنه كان يصلي على نفسه في التشهد الأول؟ ثم أليس من قال بركنية الصلاة عليه في الأخير، يستشهد بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: صلوا عليه وسلموا تسليما ـ عندما سئل عن ذلك، فأرشد إلى الصلاة الإبراهيمية، ولم يحدد صلى الله عليه وسلم أن تجعل في التشهد الأخير، ولم يمنع أن نجعلها في الأول؟ فكيف حددها العلماء؟ وبأي دليل أنها في الأخير فقط؟ أرجو منكم تقليل النقل عن الأئمة، بل أحب قال الله، قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة، وتصحيح ذلك أو تضعيفه - جزاكم الله خير الجزاء -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فشكر الله لك حرصك على السنة، وتحريك لها، ولكننا ننبهك أولا إلى أن السنة لا تعرف إلا عن طريق الأئمة الذين نكثر من النقل عنهم.

وأما ما سألت عنه: فإن المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فذهب الشافعية إلى مشروعية الصلاة على النبي صلوات الله عليه في التشهد الأول، وخالفهم الجمهور، وأنت إن كنت عاميا لم يظهر لك أرجح القولين، فإنك تقلد من تثق به من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 120640.

فإن رأيت تقليد الشيخين الجليلين ابن باز، والألباني، فلا حرج عليك.

وأما نحن: فالذي نفتي به هو عدم مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وهو قول الجماهير، وقد ذكر ابن القيم أن القول بالمشروعية لم ينقل عن أحد من الصحابة، وقد بسط القول - رحمه الله ـ في ذكر أدلة الفريقين في المسألة، ونقلنا كلامه بحروفه في فتوانا رقم: 71153

ولم يقل أحد من العلماء بوجوب تلك الصلاة في التشهد الأول، فالفرق بين التشهدين ظاهر، كما قرره العلامة ابن القيم، ودل عليه فعله صلى الله عليه وسلم.

وأما الحديث المذكور: فقد أشار الألباني إلى ما رواه أبو عوانة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل، وفيه: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه، وطهوره، فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربه، ويصلي على نبيه، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربه، ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ويدعو، ثم يسلم تسليما يسمعنا ... الحديث.

وهو وإن حكم الشيخ بصحته، لكن ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه لم يذكر في عامة روايات الحديث، ومن ثم حكم بشذوذها جمع.

والحاصل أن كون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصة بالتشهد الأخير هو قول الجمهور، ويدل له تخفيف النبي صلى الله عليه وسلم التشهد الأول جدا؛ حتى كأنه على الرضف، إضافة إلى ما ذكره ابن القيم من الأدلة، وبسط كلامه في الفتوى المحال عليها، وهذا كاف في التخصيص.

والإلزام بتصحيح الألباني للحديث المشار إليه ليس لازما، لما قدمنا.

والقول بالمشروعية قول وجيه قال به أئمة كبار، وهو مذهب الشافعية ـ كما عرفت ـ فمن عمل به فلا تثريب عليه.

وكلا الفريقين يلتمس العمل بقوله صلوات الله عليه: صلوا كما رأيتموني أصلي ـ ويحرص على تحري سنته الشريفة صلوات الله عليه وسلامه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة