حكم نقل الحديث إلى أولي الأمر

0 370

السؤال

في هذا الخبر عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان- رضي الله عنه- حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام، قال: كنا مع حذيفة، فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان، فقال له حذيفة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قتات. يقول أهل الضلال إن هذا من التجسس على الناس.
فما هو الرد؟ وهل هذا الرجل مرسل من الخليفة أم إنه تصرف شخصي منه؟
وهل هناك خلاف بين الخليفة عثمان، وبين حذيفة رضي الله عنهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فهذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما هو من أدلة تحريم النميمة، وأنها من الكبائر.
ونقل الحديث عن الغير لا يدخل في النميمة المحرمة بإطلاق، فإن كان نقله لمصلحة شرعية، فإنه يكون مشروعا، من باب النصح لأئمة المسلمين وعامتهم.
قال النووي: وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية، فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها; وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به، أو بأهله، أو بماله، أو أخبر الإمام، أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا، ويسعى بما فيه مفسدة. ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك، وإزالته. فكل هذا وما أشبه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبا، وبعضه مستحبا على حسب المواطن. والله أعلم. اهـ.

 والظاهر أن الرجل المذكور كان ينقل الكلام لغير مصلحة شرعية، وربما كان نقله للحديث مدعاة للفتنة، وإلا لما أورد حذيفة- رضي الله عنه- الحديث المذكور، ولا قصد أن يسمعه إياه؛ ففي رواية أخرى للحديث عند مسلم عن همام بن الحارث قال: كنا جلوسا مع حذيفة في المسجد، فجاء رجل حتى جلس إلينا، فقيل لحذيفة: إن هذا يرفع إلى السلطان أشياء. فقال حذيفة - إرادة أن يسمعه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قتات. ولم نعثر على ما يدل على كون الرجل مرسلا من عثمان، أو يتصرف من تلقاء نفسه، وإن كان ظاهر الحديث يدل على أن فعل ذلك الرجل ليس بمشروع كما سبق. وحسن الظن بعثمان وبالصحابة عموما يقتضي أن نقول: إما أن عثمان لم يرسله، وإما أنه أرسله لغرض مشروع، لكن الرجل أساء التصرف. ولمزيد الفائدة عن عثمان- رضي الله عنه- انظر الفتويين: 16255،  25402
وراجع بخصوص التجسس الفتوى رقم: 15454
والحديث ليس فيه دلالة صريحة على وجود خلاف بين عثمان وحذيفة رضي الله عنهما، وإنما فيه قصد حذيفة النصح للرجل المذكور.

وقد وردت في بعض كتب التاريخ أخبار عن وجود خلاف بين عثمان وحذيفة رضي الله عنهما، إلا أننا لم نقف على صحتها.
وقد قال ابن شبة في تاريخ المدينة المنورة: حدثنا حبان بن بشر قال، حدثنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: لقد روي عن حذيفة في عثمان- رضي الله عنه- أحاديث أشهد أن كانت لمقالة كذاب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة