السؤال
أطال الله في عمرك .. ! هل هذا الدعاء يغير في عمر الإنسان من شيء !! هل عمر الإنسان ينقص ويزيد .. وهناك حديث للرسول..عندما سمع فاطمة (على ما أعتقد ) تدعو اللهم متعني بزوجي اللهم متعني برسول الله ! ( بما معناه أن الله يطيل في عمرهم )؟ الرجاء التفسير !!
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل يرويه الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أمتعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبأبي، أبي سفيان. وبأخي، معاوية. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سألت الله لاجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة. لن يعجل شيئا قبل حله. أو يؤخر شيئا عن حله. (حله: بفتح الحاء وكسرها: وجوبه وحينه) ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيرا وأفضل". كتاب القدر.
فظاهر هذا الحديث يدل على أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر.
وقد رويت أحاديث أخرى قد يظن بعض الناس أن ظاهرها التعارض مع ما سبق، منها ما رواه مسلم عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط عليه رزقه أو ينسأ في أثره فليصل رحمه.
وما رواه الترمذي وحسنه عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر.
وفي رواية ثوبان : لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء.
وللعلماء في الجمع بين هذه النصوص أوجه، منها ما ذكره النووي - رحمه الله- في شرح مسلم: أن هذه الزيادة بالبركة في عمره، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.
والثاني: أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة، وفي اللوح المحفوظ، ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة؛ إلا أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع، وهو من معنى قوله تعالى: يمحوا الله ما يشاء ويثبت [الرعد:39].
فالنسبة إلى علم الله وما سبق به قدره لا زيادة، بل هي مستحيلة.
وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة، وهو مراد الحديث.
والثالث: أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده، فكأنه لم يمت. (حكاه القاضي وهو ضعيف أو باطل). انتهى.
وقال الإمام الطحاوي في مشكل الآثار 4/170 بعد أن ذكر الأحاديث المختلفة في ذلك: إن هذا مما لا اختلاف فيه، إذ كان يحتمل أن يكون الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النسمة جعل أجلها إن برت كذا وكذا، وإن لم تبر كذا وكذا، لما هو دون ذلك، وإن كان منها الدعاء رد منها كذا، وإن لم يكن منها الدعاء نزل بها كذا، وإن عملت كذا حرمت كذا، وإن لم تعمله رزقت كذا، ويكون ذلك مما يثبت في الصحيفة التي لا يزاد على ما فيها ولا ينقص منه، وفي هذا بحمد الله التئام هذه الآثار واتفاقها وانتفاء التضاد عنها. انتهى.
والله أعلم.