كيف يحصل المرء عما يشتهيه بعد دخوله الجنة؟

0 200

السؤال

في الجنة عندما أشتهي شيئا، هل أطلبه من الله؟ أم أنني عندما أحب شيئا فقط أتخيله فيصبح حقيقة أمامي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المسلم لا يتمنى شيئا في الجنة إلا حققه الله له، فقد قال الله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم {فصلت:30ـ 32}.

وأما عن كيفية حصول المرء عما يشتهيه في الجنة: فقد وردت الأدلة بحصول ذلك تارة بالدعاء والسؤال، وتارة بالتمني والتشهي، فأما الدعاء والسؤال: ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى، ولكني أحب أن أزرع، قال: فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده فكان أمثال الجبال، فيقول الله تعالى: دونك يا ابن آدم، فإنه لا يشبعك شيء، فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال العيني ـ رحمه الله ـ في عمدة القاري: قوله: استأذن ربه في الزرع ـ أي: في مباشرة الزرع، يعني: سأل الله تعالى أن يزرع. انتهى.

وأما في التمني والتشهي: فقد جاء في الصحيحين في وصف آخر أهل الجنة دخولا: فإذا دخل فيها قيل له: تمن من كذا فيتمنى، ثم يقال له: تمن من كذا، فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني، فيقول له: هذا لك ومثله معه، يقول الله عز وجل له: تمن فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته، قال الله عز وجل: من كذا وكذا ـ أقبل يذكره ربه ـ حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه.

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء الإبريق فيقع في يده فيشرب ثم يعود إلى مكانه. قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه ابن أبي الدنيا موقوفا بإسناد جيد.

وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في فتح القدير عند قوله تعالى: جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين ـ لهم فيها ما يشاؤون ـ أي: لهم في الجنات ما تقع عليه مشيئتهم صفوا عفوا يحصل لهم بمجرد ذلك. انتهى.
وننصح السائل بعدم التعمق بالسؤال عن مثل هذه الأمور التي ليس وراءها عمل، فقد روى أبو داود في سننه عن ابن لسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون قوم يعتدون في الدعاء ـ فإياك أن تكون منهم، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 216193.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة