السؤال
أنا طالبة في فرنسا جئت إليها بعد الباكالوريا، وأقطن هنا دون محرم، ولي خال ولكنه في مدينة أخرى، بالإضافة إلى أنني أدرس في مدارس مختلطة، ولا تمكنني الدراسة إلا بكشف وجهي، إلى آخره من المعاصي التي أكون مضطرة للقيام بها، وأنا هنا، أريد أن أستشيركم في قرار اتخذته: قررت أن أترك الدراسة وأدخل إلى المغرب إلى منزل أبي إذا لم أجد زوجا، ووضعيتي كالتالي: أبي مرتد ولا يمكن لي إرثه إذا مات ـ وحسب فهمي فإنه لا يمكن لي البقاء في منزله بعد موته ـ فهل التوكل على الله ومغادرة الدراسة هنا هو القرار الجيد؟ أم أنه ظلم لنفسي؟ مع العلم أن الحقوق في المغرب مهضومة، وليس هناك شيء اسمه يأخذ المحتاج من بيت مال المسلمين إلى آخره، فالواقع هو أن المغرب بعيد عن تطبيق الشريعة، والله المستعان، ولدي أيضا سؤالان من فضلكم: بما أن أبي مرتد والأصل أن يقتل بعد أن يستتاب، فهل نفقته علي الآن تعد حراما بما أنه لا يمكن أن أرثه والأصل هو أن يقتل؟.
وسؤالي الثاني: إذا قررت مغادرة فرنسا، فإنه ينبغي لي اتخاذ القليل من الوقت لتجهيز دخولي إلى المغرب، فهل يجوز لي أخذ المساعدات الاجتماعية خلال هذه الفترة، علما بأنني نظريا ليس لي الحق بالبقاء في فرنسا لأخذ المساعدات إلا وأنا طالبة؟.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته، هل يرثه ورثته المسلمون أم لا، قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد إذا مات، أو قتل على ردته، فروي عنه أنه يكون فيئا في بيت مال المسلمين.. وهو قول ابن عباس، وربيعة، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر، وعن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ وبه قال ابن المسيب، وجابر بن زيد والحسن، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، والشعبي، والحكم، والأوزاعي، والثوري، وابن شبرمة، وأهل العراق، وإسحاق إلا أن الثوري، وأبا حنيفة، واللؤلؤي، وإسحاق، قالوا: ما اكتسبه في ردته يكون فيئا، ولم يفرق أصحابنا بين تلاد ماله وطارفه، ووجه هذا القول أنه قول الخليفتين الراشدين، فإنه يروى عن زيد بن ثابت، قال: بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين، ولأن ردته ينتقل بها ماله، فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين، كما لو انتقل بالموت. اهـ.
ولك في قول الخليفتين الراشدين أبي بكر وعلي ـ رضي الله عنهما ـ متسع، فلا بأس عليك في الانتفاع بميراث والدك وإن كان مرتدا بالفعل، وكذلك نفقته عليك، لا بأس عليك في الانتفاع بها، وراجعي الفتوى رقم: 209047.
وعلى ذلك، فإن كنت لا تخشين ضررا ولا فتنة في دينك بسبب إقامتك عند أبيك الذي تصفينه بالمرتد، فارجعي إلى بلدك واجتهدي في نصح أبيك والتوسل إلى هدايته بما تستطيعين من أسباب، ومن أهمها الدعاء له بالهداية! وأما الإقامة في فرنسا مع الاختلاط في الدراسة ومنع الحجاب وغير ذلك من الفتن والمعاصي التي تضطرين إلى القيام بها، على حد وصفك، فإنها لا تجوز، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 2007، 20905، 93564.
وأما أخذ المساعدات الاجتماعية خلال الفترة التي تحتاجين إليها للتجهيز للعودة إلى بلدك: فبحسب ما يسمح به القانون المنظم لصرفها، إذ المسلمون على شروطهم، ولعل هذه الفترة يتسامح فيها، لأنها من توابع وجودك للدراسة مادام لا يمكنك الرجوع مباشرة.
والله أعلم.